الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 2076 ] باب المحرمات

الفصل الأول

3160 - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها . متفق عليه .

التالي السابق


( باب المحرمات )

الحرام ممنوع منه ، في المغرب : " المحرم الحرام والحرمة أيضا وحقيقته موضع الحرمة ومنه هي له محرم وهو لها محرم ، وقد ضبطها ابن الهمام ضبطا حسنا فأحببت أن أذكره فقال : انتفاء محلية المرأة للنكاح شرعا بأسباب ، الأول : النسب فيحرم على الإنسان فروعه وهم بناته وبنات أولاده وإن سفلن وأصوله وهم أمهاته وأمهات أمهاته وآبائه وإن علون ، ووقع في النسخ وأبنائه بعد قوله وآبائه وهو سهو من النساخ كما لا يخفى ، وفروع أبويه وإن نزلن فيحرم بنات الإخوة والأخوات وبنات أولاد الإخوة والأخوات وإن نزلن وفروع أجداده وجداته ببطن واحد ; فلهذا تحرم العمات والخالات وتحل بنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات . الثاني : المصاهرة يحرم بها فروع نسائه المدخول بهن وإن نزلن وأمهات الزوجات وجداتهن بعقد صحيح وإن علوا، وإن لم يدخل بالزوجات وتحرم موطوءات آبائه وأجداده وإن سفلوا ولو بزنا والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح ، وموطوءات أبنائه وأبناء أولاده وإن سفلوا ولو بزنا والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح ، الثالث : الرضاع يحرم كالنسب ويأتي تفصيله في محله ، الرابع : الجمع بين المحارم يعني كالأختين والعمة وبنت أخيها أو الأجنبيات كالأمة مع الحرة السابقة ، الخامس : حق الغير كالمنكوحة والمعتدة والحامل بثابت النسب ، السادس : عدم الدين السماوي كالمجوسية والمشركة ، السابع : التنافي كنكاح السيد أمته والسيدة عبدها .

الفصل الأول

3160 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يجمع ) أي في النكاح وكذا في الوطء بملك اليمين ( بين المرأة وعمتها ) سواء كانت سفلى كأخت الأب أو عليا كأخت الجد مثلا ( ولا بين المرأة وخالتها ) أي : كذلك لأن ذلك يفضي إلى قطيعة الرحم ، قال النووي : " أي يحرم الجمع بينهما سواء كانت عمة وخالة حقيقية أو مجازية وهي أخت أبي الأب وأبي الجد وإن علا وأخت أم الأم وأم الجدة من جهتي الأم والأب وإن علت ، فكلهن حرام بالإجماع ويحرم الجمع بينهما في النكاح أو في ملك اليمين وأما في الأقارب كبني العمتين وبني الخالتين ونحوهما فجائز ، وكذا بين زوجة الرجل وبنته من غيرها ( متفق عليه ) قيل هذا الحديث مشهور يجوز تخصيص عموم الكتاب به وهو قوله تعالى ( وأحل لكم ما وراء ذلكم ) " في الهداية : لا يجمع بين امرأة وعمتها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها ، قال ابن الهمام : تكرار لغير داع إلا أن تكون المبالغة في نفي الجمع بخلاف ما في الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام لا تنكح المرأة على عمتها ، ولا على خالتها ، ولا على ابنة أخيها ، ولا على ابنه أختها . رواه مسلم ، وأبو داود والترمذي والنسائي ، فإنه لا يستلزم منع نكاح المرأة على عمتها أو خالتها منع القلب ; لجواز تخصيص العمة والخالة بمنع نكاح ابنة الأخ والأخت عليهما دون إدخالهما على الابنة لزيادة تكرمتهما على الابنة ، قال صلى الله عليه وسلم : " الخالة بمنزلة الأم " في الصحيحين ، ويؤنسه حرمة نكاح الأمة على الحرة مع جواز القلب ; فكان التكرار لدفع توهم ذلك بخلاف المذكور في الكتاب فإنه لم يذكره إلا بلفظ الجمع فلا يجري فيه ذلك الوهم ، وغير هذا الحديث ورد بلفظ الجمع لم يزد فيه على قول : " لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها " ، ثم في الهداية : ولا يجمع بين امرأتين لو كانت كل واحدة منهما ذكرا لم يجز له أن يتزوج بالأخرى ، قال ابن الهمام : " ثنى بعد ذكر ذلك النوع بأصل كلي يتخرج عليه هو وغيره كحرمة الجمع بين عمتين وخالتين وذلك أن يتزوج كل من رجلين أم الآخر فيولد لكل منهما بنت فيكون كل من البنتين عمة الأخرى ، أو يتزوج كل من رجلين بنت الآخر ويولد لهما بنتان فكل من البنتين خالة للأخرى فيمتنع الجمع بينهما والدليل على اعتبار [ ص: 2077 ] الأصل المذكور ما ثبت في الحديث برواية الطبراني وهو قوله : فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم . وروى أبو داود في مراسيله عن عيسى بن طلحة قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة ; فأوجب تعدي الحكم المذكور ، وهو حرمة الجمع إلى كل قرابة يفرض وصلها وهي ما تضمنه الأصل المذكور وبه تثبت الحجة على الروافض والخوارج وعثمان البناء على ما نقل عنه وداود الظاهري في إباحة الجمع بين غير الأختين ، وأما الجمع بين زوجة رجل وبنته من غيرها فهو جائز ذكره البخاري تعليقا ، وقال : جمع عبد الله بن جعفر بين ابنة علي وامرأة علي ، وتعليقاته صحيحة ولم ينكر عليه أحد من أهل زمانه وهم الصحابة والتابعون وهو دليل ظاهر على الجواز .




الخدمات العلمية