الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7216 ) فصل : وإذا قذف ولده ، وإن نزل ، لم يجب الحد عليه ، سواء كان القاذف رجلا أو امرأة . وبهذا قال عطاء ، والحسن ، والشافعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وقال عمر بن عبد العزيز ، ومالك ، وأبو ثور ، وابن المنذر : عليه الحد ; لعموم الآية ; ولأنه حد ، فلا تمنع من وجوبه قرابة الولادة ، كالزنا . ولنا أنه عقوبة تجب حقا لآدمي ، فلا يجب للولد على الوالد ، كالقصاص ، أو نقول : إنه حق لا يستوفى إلا بالمطالبة باستيفائه ، فأشبه القصاص . ولأن الحد يدرأ بالشبهات ، فلا يجب للابن على أبيه كالقصاص ; ولأن الأبوة معنى يسقط القصاص ، فمنعت الحد ، كالرق والكفر ، وهذا يخص عموم الآية . وما ذكروه ينتقض بالسرقة ، فإن الأب لا يقطع بسرقة مال ابنه ، والفرق بين القذف والزنا : أن حد الزنا خالص لحق الله تعالى ، لا حق للآدمي فيه ، وحد القذف حق لآدمي ، فلا يثبت للابن على أبيه ، كالقصاص ، وعلى أنه لو زنى بجارية ابنه ، لم يجب عليه حد .

                                                                                                                                            إذا ثبت هذا ، فإنه لو قذف أم ابنه ، وهي أجنبية منه ، فماتت قبل استيفائه ، لم يكن لابنه المطالبة بالحد ; لأن ما منع ثبوته ابتداء ، أسقطه طارئا كالقصاص . وإن كان لها ابن آخر من غيره ، كان له استيفاؤه إذا ماتت بعد المطالبة به ; لأن الحد يملك بعض الورثة استيفاءه كله ، بخلاف القصاص ، وأما قذف سائر الأقارب ، فيوجب الحد على القاذف في قولهم جميعا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية