الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( اختلف في قدره ) أي المسمى ( زوج وولي صغيرة أو مجنونة ) ومثله الوكيل وقد ادعى زيادة على قدر مهر المثل والزوج مهر المثل أو زوجة وولي [ ص: 368 ] صغير أو مجنون وقد أنكرت نقص الولي عن مهر المثل أو ولياهما ( تحالفا في الأصح ) لأن الولي بمباشرته للعقد قائم مقام المولى كوكيل المشتري مع البائع أو عكسه ، فلو كمل قبل حلف وليه حلف دون الولي ، والثاني لا تحالف لأنا لو حلفنا الولي لأثبتنا بيمينه حق غيره وهو محذور ، أما إذا اعترف الزوج بزيادة على مهر المثل فلا تحالف ، بل يؤخذ بقوله بلا يمين لئلا يؤدي للانفساخ الموجب لمهر المثل فتضيع الزيادة عليها ، وكذا لو ادعى الزوج دون مهر المثل فيجب مهر المثل من غير تحالف ، كذا قالاه . وقال البلقيني : التحقيق في الأولى حلف الزوج رجاء أن ينكل فيحلف الولي ويثبت مدعاه الأكثر من مدعي الزوج ا هـ . وهو ظاهر ، ومن ثم تبعه الزركشي وغيره ، ويأتي ذلك في الثانية أيضا ، ويحلف فإن نكل حلف الولي وثبت مدعاه ، وخرج بالصغيرة والمجنونة البالغة والعاقلة فهي التي تحلف ، ولا ينافي حلف الولي هنا قولهم في الدعاوى لا يحلف وإن باشر السبب لأن ذلك في حلفه على استحقاق موليه وهذا لا تجوز النيابة فيه ، وما هنا في حلفه أن عقده وقع هكذا فهو حلف على فعل نفسه والمهر ثابت ضمنا ، والقول بأن الوجه المفصل ثم بين أن يباشر السبب وأن لا يرد هذا الجمع ممنوع بأنه مع مباشرته للسبب إن حلف على استحقاق المولى لم يفد وإلا أفاد ( ولو ) ( قالت نكحني يوم كذا بألف ويوم كذا بألف و ) طالبته بالألفين فإن ( ثبت العقدان بإقراره أو ببينة ) أو بيمينها بعد نكوله ( لزمه ألفان ) وإن لم تتعرض لتخلل فرقة ولا الوطء لأن العقد الثاني لا يكون إلا بعد ارتفاع الأول ، ولأن المسمى وجب بالعقد فاستصحب بقاؤه ، ولم ينظر لأصل عدم الدخول عملا بقرينة سكوته عن دعواه الظاهر في وجوده ، وبهذا يجاب عن استشكال البلقيني رحمه الله هنا ، وأيضا فأصل البقاء أقوى من أصل عدم الدخول لأن الأول علم وجوده ثم شك في ارتفاعه والأصل عدمه . والثاني لم يعلم له مستند إلا مجرد الاحتمال فلم يعول مع ذلك عليه ( وإن قال لم أطأ فيهما أو في أحدهما صدق بيمينه ) لأنه الأصل ( وسقط الشطر ) في النكاحين أو أحدهما لأنه فائدة تصديقه وحلفه ، وإنما تقبل دعواه عدمه في الثاني إن ادعى الطلاق منه ( وإن قال كان الثاني تجديد لفظ لا عقدا لم يقبل ) لأنه خلاف الظاهر من صحة العقود المتشوف إليها الشارع نظير ما مر في تصديق مدعي الصحة ، واحتمال كون الطلاق رجعيا وأن الزوج استعمل لفظ العقد مع الولي في الرجعة نادر جدا فلم يلتفتوا إليه فاندفع ما للبلقيني هنا ، وله تحليفها على نفي ما ادعاه لإمكانه ولو أعطاها مالا وادعت أنه هدية وقال بل صداق صدق بيمينه وإن لم يكن المدفوع من جنس الصداق لأنه أعرف بكيفية إزالة ملكه ، فإن أعطى من لا دين عليه شيئا ، وقال الدافع بعوض وأنكر الآخذ صدق المنكر بيمينه ، ويفارق ما قبله بأن الزوج مستقل بأداء الدين وبقصده وبأنه يريد إبراء ذمته ، بخلاف معطي من لا دين عليه فيهما ، وتسمع دعوى دفع صداق لولي محجورة لا إلى ولي رشيدة ولو بكرا ، إلا إذا

                                                                                                                            [ ص: 369 ] ادعى إذنها نطقا ، ولو اختلفا في عين المنكوحة صدق كل فيما نفاه بيمينه ، ولو قال لامرأتين تزوجتكما بألف فقالت إحداهما : بل أنا فقط بألف تحالفا ، وأما الأخرى فالقول قولها في نفي النكاح وإن أصدقها جارية ثم وطئها عالما بالحال قبل الدخول لم يحد لشبهة اختلاف العلماء في أنها هل تملك قبل الدخول جميع الصداق أو نصفه فقط ، وعلله في الروضة بذلك وبأنه لا يبعد أن يخفى مثل ذلك على العوام ، ثم بنى عليهما ما لو كان عالما بأنها تملك جميع الصداق بالعقد فعلى الثاني يحد ، وعلى الأول لا وهو الأوجه ، أو بعد الدخول حد ولا تقبل دعوى جهل ملكها للجارية بالدخول إلا من قريب عهد بالإسلام أو ممن نشأ ببادية بعيدة عن العلماء .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أو ولياهما ) أي بأن كان الصداق من مال ولي الزوج ( قوله : حلف دون الولي ) أي على البت ( قوله : البالغة والعاقلة ) ظاهره كشرح المنهج عدم اعتبار الرشد فيحلف السفيهة ولعله غير مراد فيحلف الولي ( قوله وأيضا فأصل البقاء ) أي لما أوجبه العقدان من المهرين الكاملين ( قوله : فاندفع ما للبلقيني ) أي أو غيره من كل ما يجب عليه ( قوله : صدق المنكر ) هذا يشكل عليه ما مر آخر العارية من أن من دفع لغيره مالا وادعى أنه قرض والآخر أنه وديعة أو وكيل فيه صدق الدافع ، وعبارته ثم قبيل كتاب الغصب : وبما تقر ظهر ضعف قول [ ص: 369 ] البغوي لو دفع لغيره ألفا فهلك فادعى الدافع القرض والمدفوع له الوديعة صدق المدفوع له ، وقد أفتى الوالد رحمه الله تعالى بتصديق المالك ، ويؤيده قول الأنوار عن منهاج القضاة لو قال بعد تلفه دفعته قرضا وقال الآخر بل وكالة صدق الدافع ا هـ ( قوله : صدق كل فيما نفاه ) أي ولا نكاح ( قوله : ثم وطئها ) أي الجارية ( قوله : لم يحد ) أي وولده منها حر للعلة المذكورة ( قوله : فعلى الثاني ) هو قوله هل تملك قبل الدخول إلخ ، وقوله وعلى الأول لا هو قوله وبأنه لا يبعد ، وقوله ولا تقبل دعوى إلخ أي وعليه فيعزر فقط لما قدمه من أنه لا حد عليه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 368 ] قوله : أو ولياهما ) أي بأن كان المهر من مال ولي الزوج ( قوله : بخلاف معطى من لا دين عليه ) لعله بصيغة اسم المفعول مصدرا ميميا فتأمل [ ص: 369 ] قوله : وبأنه لا يبعد إلخ ) كذا في النسخ ، ولعله سقط منه ألف قبل الواو إذ هو في الروضة علل بأحد الأمرين ورتب عليهما ما يأتي ، وانظر ما وجه وجوب الحد على الثاني مع أن شبهة اختلاف العلماء قائمة ولا بد .




                                                                                                                            الخدمات العلمية