الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ولو اشترى المكاتب ابنه مع رجل آخر صارت حصته مكاتبا معه ; لأنه لو ملك كله صار الكل مكاتبا معه فكذلك إذا ملك النصف اعتبارا للبعض بالكل فإذا ادعى المكاتب عتقا وسعى الولد لشريكه في نصف قيمته عند أبي حنيفة رحمه الله ، ولا ضمان على المكاتب ; لأن من أصله أن الحر لو اشترى ابنه مع غيره لم يضمن لشريكه شيئا ، ولكن تجب السعاية على الولد فكذلك المكاتب ، وأما على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله صار الولد كله مكاتبا مع ابنه ; لأن عندهما الكتابة لا تجزئ ويضمن المكاتب نصف قيمة [ ص: 154 ] ابنه لشريكه ; لأنه صار متملكا عليه نصيبه ، فيضمن له قيمة نصيبه موسرا كان أو معسرا ، ولو كان مجهولا فادعاه المكاتب بعد ما ملكاه كان للشريك أن يضمنه نصف قيمته إن كان غنيا ، وإن شاء استسعى الابن ، وإن كان فقيرا استسعى الابن ; لأن المكاتب في الدعوة كالحر ، وكذلك في ضمان الإعتاق وهو بمنزلة الحر ، وقد بينا أن هذه الدعوة عند تكذيب الشريك بمنزلة الإعتاق .

ولو كانت أمه معه ضمن المكاتب نصف قيمتها غنيا كان أو فقيرا ; لأنه تعذر بيعها بما ثبت للمكاتب من الملك فيها وصارت بمنزلة أم الولد فيضمن لشريكه نصف قيمتها ; لأنه صار متملكا على كل حال .

وإن كان الذي ملك مع المكاتب ذا رحم محرم من الصبي ونسب الصبي من المكاتب معروف عتق نصيب ذا الرحم المحرم بالقرابة عند أبي حنيفة رحمه الله ; لأنه أثبت له حقيقة الملك ، وكان نصيب المكاتب موقوفا ، فإن عتق عتق معه ، وإن عجز سعى لمولاه فيه وعند أبي يوسف ومحمد يعتق الكل ; لأن عندهما العتق لا يتجزأ ، ولا ضمان لواحد منهما على صاحبه ، ولا سعاية على الولد ; لأن فيه تحصيل مقصود المكاتب فإنه إنما يسعى لتحصيل الحرية لنفسه ; ولولده فلهذا لا يجب الضمان له ، ولا السعاية ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية