الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ويتبع المؤتم قانت الوتر ) وقال محمد لا يأتي به المأموم بل يؤمن لأن للقنوت شبهة القرآن لاختلاف الصحابة في قوله اللهم إنا نستعينك أنه من القرآن أو لا فأورث شبهة وهو لا يقرأ حقيقة القرآن فكذا ما له شبهة والمختار ما في الكتاب كما في المحيط وغيره وصححوه لأنه دعاء حقيقة كسائر الأدعية والثناء والتشهد والتسبيحات وظاهر الرواية أنه لا يكره قراءته للجنب لأنه ليس بقرآن وعليه الفتوى كما في الولوالجية ( قوله لا الفجر ) أي لا يتبع المؤتم الإمام القانت في صلاة الفجر وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يتابعه لأنه تبع للإمام والقنوت مجتهد فيه ولهما أنه منسوخ فصار كما لو كبر خمسا في الجنازة حيث لا يتابعه في الخامسة وإذا لم يتابعه فيه فقيل يقعد تحقيقا للمخالفة لأن الساكت شريك الداعي بدليل مشاركة الإمام في القراءة وإذا قعد فقدت المشاركة ولا يقال كيف يقعد تحقيقا للمخالفة وهي مفسدة للصلاة لأن المخالفة فيما هو من الأركان والشرائط مفسدة لا في غيرها قال في الهداية

                                                                                        والأظهر وقوفه ساكتا وصححه قاضي خان وغيره لأن فعل الإمام يشتمل على مشروع وغيره فما كان مشروعا يتبعه فيه وما كان غير مشروع لا يتبعه كذا في العناية وقد يقال إن طول القيام بعد رفع الرأس من الركوع ليس بمشروع فلا يتابعه فيه قال في الهداية ودلت المسألة على جواز الاقتداء بالشفعوية وإذا علم المقتدي منه ما يزعم به فساد صلاته كالفصد وغيره لا يجزئه ا هـ .

                                                                                        ووجه دلالتها أنه لو لم يصح الاقتداء به لم يصح اختلاف علمائنا في أنه يسكت أو يتابعه ووقع في بعض نسخها بالشافعية وهو الصواب لما عرف من وجوب حذف ياء النسب إذا نسب إلى ما هي فيه ووضع الياء الثانية مكانها حتى تتحد الصورة قبل النسبة الثانية وبعدها والتمييز حينئذ من خارج فالياء المشددة فيه ياء النسبة لا آخر الكلمة ككرسي وذكر في النهاية بنو شافع من بني المطلب ابن عبد مناف منهم الإمام الشافعي الفقيه رحمه الله ومن قال في نسبته الشفعوي فهو عامي وحقه أن يقال بالشافعي المذهب فحاصله أن صاحب الهداية جوز الاقتداء بالشافعي بشرط أن لا يعلم المقتدي منه ما يمنع صحة صلاته في رأي المقتدي كالفصد ونحوه وعدد مواضع عدم صحة الاقتداء به في العناية وغاية البيان بقوله كما إذا لم يتوضأ من الفصد والخارج من غير السبيلين وكما إذا كان شاكا في إيمانه بقوله أنا مؤمن إن شاء الله أو متوضئا من القلتين أو يرفع يديه عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع أو لم يغسل ثوبه من المني ولم يفركه أو انحرف عن القبلة إلى اليسار أو صلى الوتر بتسليمتين أو اقتصر على ركعة أو لم يوتر أصلا أو قهقه في الصلاة ولم يتوضأ أو صلى فرض الوقت مرة ثم أم القوم فيه زاد في النهاية وأن لا يراعي [ ص: 49 ] الترتيب في الفوائت وأن لا يمسح ربع رأسه وزاد قاضي خان وأن يكون متعصبا والكل ظاهر ما عدا خمسة أشياء الأول مسألة التوضؤ من القلتين فإنه صحيح عندنا إذا لم يقع في الماء نجاسة ولم يختلط بمستعمل مساو له أو أكثر فلا بد أن يقيد قولهم بالقلتين المتنجس ماؤهما أو المستعمل بالشرط المذكور لا مطلقا الثاني مسألة رفع اليدين من وجهين الأول أن الفساد برفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس منه رواية شاذة رواها مكحول النسفي عن أبي حنيفة وليست بصحيحة رواية ودراية لأن المختار في العمل الكثير المفسد لها ما لو رآه شخص من بعيد ظنه ليس في الصلاة لا ما يقام باليدين ولأن وضع هذه المسألة يدل على جواز الاقتداء بالشافعي وبقائه إلى وقت القنوت حتى اختلفوا هل يتابعه فيه أو لا كما في الهداية مع وجود رفع اليدين في الركعات الثلاث الثاني أن الفساد عند الركوع لا يقتضي عدم صحة الاقتداء من الابتداء مع أن عروض البطلان غير مقطوع به حتى يجعل كالمتحقق عند الشروع لأن الرفع جائز الترك عندهم لسنيته الثالث مسألة الانحراف عن القبلة إلى اليسار لأن الانحراف المانع عندنا أن يجاوز المشارق إلى المغارب كما نقله في فتح القدير في استقبال القبلة والشافعية لا ينحرفون هذا الانحراف الرابع مسألة التعصب وهو تعصب لأن التعصب على تقدير وجوده منهم إنما يوجب الفسق لا الكفر والفسق لا يمنع صحة الاقتداء

                                                                                        والظاهر من الشارطين لعدمه أنه يوجب الكفر لكونه في الدين وهو بعيد كما لا يخفى الخامس مسألة الاستثناء في الإيمان فاعلم أن عبارتهم قد اختلفت في هذه المسألة فذهب طائفة من الحنفية إلى تكفير من قال أنا مؤمن إن شاء الله ولم يقيدوه بأن يكون شاكا في إيمانه ومنهم الأتقاني في غاية البيان وصرح في روضة العلماء بأن قوله إن شاء الله يرفع إيمانه فيبقى بلا إيمان فلا يجوز الاقتداء به وذكر في الفتاوى الظهيرية من المواعظ أن معاذ بن جبل سئل عمن يستثنى في الإيمان فقال إن الله تبارك وتعالى ذكر في كتابه ثلاثة أصناف قال تعالى في موضع { أولئك هم المؤمنون حقا } وقال في موضع آخر { أولئك هم الكافرون حقا } وقال في موضع آخر { مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء } فمن قال بالاستثناء في الإيمان فهو من جملة المذبذبين ا هـ .

                                                                                        وفي الخلاصة والبزازية من كتاب النكاح عن الإمام أبي بكر محمد بن الفضل من قال أنا مؤمن إن شاء الله فهو كافر لا تجوز المناكحة معه قال الشيخ أبو حفص في فوائده لا ينبغي للحنفي أن يزوج بنته من رجل شفعوي المذهب وهكذا قال بعض مشايخنا ولكن يتزوج بنتهم زاد في البزازية تنزيلا لهم منزلة أهل الكتاب ا هـ .

                                                                                        وذهب طائفة إلى تكفير من شك منهم في إيمانه بقوله أنا مؤمن إن شاء الله على وجه الشك لا مطلقا وهو الحق لأنه لا مسلم يشك في إيمانه وقول الطائفة الأولى أنه يكفر غلط لأنه لا خلاف بين العلماء في أنه لا يقال أنا مؤمن إن شاء الله للشك في ثبوته للحال بل ثبوته في الحال مجزوم به كما نقله المحقق ابن الهمام في المسايرة وإنما محل الاختلاف في جوازه لقصد إيمان الموافاة فذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى منعه وعليه الأكثرون وأجاز كثير من العلماء منهم الشافعي وأصحابه لأن بقاءه إلى الوفاة عليه وهو المسمى بإيمان الموافاة غير معلوم ولما كان ذلك هو المعتبر في النجاة كان هو الملحوظ عند المتكلم في ربطه بالمشيئة وهو أمر مستقبل فالاستثناء فيه اتباع لقوله تعالى { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } وقال أئمة الحنفية لما كان ظاهر التركيب الإخبار بقيام الإيمان به في الحال مع اقتران كلمة الاستثناء به كان تركه أبعد عن التهمة فكان تركه واجبا وأما من علم قصده فربما تعتاد النفس التردد لكثرة إشعارها بترددها في ثبوت الإيمان [ ص: 50 ] واستمراره وهذه مفسدة إذ قد يجر إلى وجوده آخر الحياة الاعتياد خصوصا والشيطان منقطع مجرد نفسه لسبيل لا شغل له سواك فيجب ترك المؤدي إلى هذه المفسدة ا هـ .

                                                                                        فالحاصل أنه لا فائدة في هذا الشرط وهو قول الطائفة الثانية أن لا يكون شاكا في إيمانه إذ لا مسلم يشك فيه وأما التكفير بمطلق الاستثناء فقد علمت غلطه وأقبح من ذلك من منع مناكحتهم وليس هو إلا محض تعصب نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا خصوصا قد نقل الإمام السبكي في رسالة ألفها في هذه المسألة أن القول بدخول الاستثناء في الإيمان هو قول أكثر السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم والشافعية والمالكية والحنابلة ومن المتكلمين الأشعرية والكلابية قال وهو قول سفيان الثوري ا هـ .

                                                                                        فالقول بتكفير هؤلاء من أقبح الأشياء ثم اعلم أنه قد صرح في النهاية والعناية وغيرهما بكراهة الاقتداء بالشافعي إذا لم يعلم حاله حتى صرح في النهاية بأنه إذا علم منه مرة عدم الوضوء من الحجامة ثم غاب عنه ثم رآه يصلي فالصحيح جواز الاقتداء به مع الكراهة فصار الحاصل أن الاقتداء بالشافعي على ثلاثة أقسام الأول أن يعلم منه الاحتياط في مذهب الحنفي فلا كراهة في الاقتداء به الثاني أن يعلم منه عدمه فلا صحة لكن اختلفوا هل يشترط أن يعلم منه عدمه في خصوص ما يقتدي به أو في الجملة صحح في النهاية الأول وغيره اختار الثاني

                                                                                        وفي فتاوى الزاهدي إذا رآه احتجم ثم غاب فالأصح أنه يصح الاقتداء به لأنه يجوز أن يتوضأ احتياطا وحسن الظن به أولى الثالث أن لا يعلم شيئا فالكراهة ولا خصوصية لمذهب الشافعي بل إذا صلى حنفي خلف مخالف لمذهبه فالحكم كذلك وظاهر الهداية أن الاعتبار لاعتقاد المقتدي ولا اعتبار لاعتقاد الإمام حتى لو شاهد الحنفي إمامه الشافعي مس امرأة [ ص: 51 ] ولم يتوضأ ثم اقتدى به فإن أكثر مشايخنا قالوا يجوز وهو الأصح كما في فتح القدير وغيره وقال الهندواني وجماعة لا يجوز و رجحه في النهاية بأنه يصل لما أن زعم الإمام أن صلاته ليست بصلاة فكان الاقتداء حينئذ بناء الموجود على المعدوم في زعم الإمام وهو الأصل فلا يصح الاقتداء ا هـ .

                                                                                        ورد بأن المقتدي يرى جوازها والمعتبر في حقه رأي نفسه لا غيره

                                                                                        وأيضا ينبغي حمل حال الإمام على التقليد لأبي حنيفة حملا لحال المسلم على الصلاح ما أمكن فيتحد اعتقادهما وإلا لزم منه تعمد الدخول في الصلاة بغير طهارة على اعتقاده وهو حرام إلا أن تفرض المسألة أن المأمور علم به والإمام لم يعلم بذلك كما ذكره الشارح فيقتصر على الجواب الأول .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قول المصنف ويتبع المؤتم قانت الوتر ) أي ولو كان الإمام شافعيا يقنت بعد الركوع لأن اختلافهم في الفجر مع كونه منسوخا دليل على أنه يتابعه في قنوت الوتر لكونه ثابتا بيقين كذا في الدرر وصدر الشريعة وفي الشرنبلالية لا يخفى أن الشافعي يقنت باللهم اهدنا والحنفي باللهم إنا نستعينك فما يفعله فلينظر ا هـ .

                                                                                        قال في حواشي مسكين والظاهر أن المتابعة في مطلق القنوت لا في خصوص ما قنت به ثم رأيت الشيخ عبد الحي ذكر طبق ما فهمته ا هـ .

                                                                                        على أنه قدم المؤلف أن ظاهر الرواية أنه لا توقيت فيه ( قوله ولهما أنه منسوخ ) قال العلامة نوح أفندي هذا على إطلاقه مسلم في غير النوازل وأما عند النوازل في القنوت في الفجر فينبغي أن يتابعه عند الكل لأن القنوت فيها عند النوازل ليس بمنسوخ على ما هو التحقيق كما مر وأما في القنوت في غير الفجر عند النوازل كما هو مذهب الشافعي فلا يتابعه عند الكل فإن القنوت في غير الفجر منسوخ عندنا اتفاقا ا هـ .

                                                                                        فعلى هذا فالمراد نسخ عموم الحكم لا نسخ الحكم

                                                                                        ( قوله لأن الساكت شريك الداعي ) قال في الفتح مشترك الإلزام فإن الجالس أيضا ساكت فلا بد من تقييده مشاركته الداعي بحال موافقته في خصوص هيئة الداعي لكنه يقتضي أنه إنما يكون مشاركا إذا رفع يده مثله لأنها من هيئة الإمام إلا أن يلغي ذلك ويقال مجرد الوقوف خلف الداعي الواقف ساكتا يعد شركة له في ذلك عرفا رفع يديه مثله أو لا وهو حق ( قوله أو لم يوتر أصلا ) الظاهر أن العلة فيه عدم مراعاة [ ص: 49 ] الترتيب أي فلا يصح الاقتداء به في الفجر مثلا إن كان لم يوتر ولكن يتكرر هذا مع قوله وأن لا يراعي الترتيب فليتأمل ما المراد ( قوله والشافعية لا ينحرفون هذا الانحراف ) .

                                                                                        أقول : بل لا ينحرفون أصلا لأن مذهبهم أضيق من مذهبنا في هذه المسألة لوجوب استقبال العين عندهما وغاية ما يفعلونه أنهم يضعون اليدين على ما يحاذي القلب من جهة اليسار وبذلك لا يحصل انحراف أصلا لأنه بالصدر والوجه لا باليدين وأفاد شيخنا حفظه الله تعالى أن المراد انحرافهم إذا اجتهدوا في القبلة مع وجود المحاريب القديمة فإنه يجوز عندهم لا عندنا فلو انحرف عن المحراب القديم لا يصح الاقتداء به [ ص: 50 ] ( قوله وهو ) تفسير للشرط

                                                                                        ( قوله الأول أن يعلم منه الاحتياط في مذهب الحنفي ) انظر هل المراد بالاحتياط الإتيان بالشروط والأركان أو ما يشمل ترك المكروه عندنا كترك رفع اليدين عند الانتقالات وتأخير القيام عن محله في القعود الأول بسبب الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وظاهر كلام الشيخ إبراهيم في شرح المنية الأول فإنه قال وأما الاقتداء بالمخالف في الفروع كالشافعي فيجوز ما لم يعلم منه ما يفسد الصلاة على اعتقاد المقتدي عليه الإجماع إنما اختلف في الكراهة ا هـ .

                                                                                        إذ مفهومه أن الاختلاف في الكراهة عند عدم العلم بالمفسد والمفسد إنما هو ترك شرط أو ركن فقط ثم رأيت التصريح بذلك في رسالة في الاقتداء لمنلا علي القاري وأنه فيما عدا المبطل يتبع مذهبه وأن الاحتياط في المبطل فإذا فعل فهو جائز بدون كراهة وهذا هو المتبادر من سياق كلام المؤلف وعلى عدم الكراهة فهل الاقتداء به أفضل أم الانفراد قال الرملي لم أره وظاهر كلامهم الثاني والذي يحسن عندي الأول وربما أشعر كلامهم به وقد كتبت على شرح زاد الفقير للغزي كتابة حسنة في هذه المسألة فراجعها إن شئت وصورة ما كتبه عليه قوله جاز الاقتداء به بلا كراهة بقي الكلام في الأفضل ما هو الاقتداء به أو الانفراد لم أر من صرح به من علمائنا وظاهر كلامهم الثاني والذي يظهر ويحسن عندي الأول لأن في الثاني ترك الجماعة حيث لا تحصل إلا به ولو لم يكن بأن كان هناك حنفي يقتدى به الأفضل الاقتداء به وكيف يكون الأفضل أن يصلي منفردا مع وجود شافعي صالح عالم تقي نقي يراعي الخلاف به تحصل فضيلة الجماعة ما أظن فقيه نفس يقول به وربما أشعر كلامهم بما جنحت إليه والله تعالى الموفق ا هـ .

                                                                                        قلت : ويدل عليه ما في السراج حيث قال فإن قلت فما الأفضل أن يصلي خلف هؤلاء أو الانفراد قيل أما في حق الفاسق فالصلاة خلفه أولى فإنه ذكر في الفتاوى أن الرجل إذا صلى خلفه يحرز ثواب الجماعة لكن لا ينال ثواب من يصلي خلف تقي وأما الآخرون يعني العبد والأعرابي والفاسق وولد الزنا فيمكن أن يكون الانفراد أولى لجهلهم بشروط الصلاة ويمكن أن يكونوا على قياس الصلاة خلف الفاسق والأفضل أن يصلي خلف غيرهم لأن الناس تكره إمامتهم ا هـ

                                                                                        وقد ذكر المؤلف في باب الإمامة أن هذه الكراهة تنزيهية وأنه ينبغي أن يقيد بما إذا وجد غيرهم ووجه الدلالة فيما ذكرنا أنه إذا كان شافعي تقي يحتاط لم توجد فيه علة الكراهة المذكورة هنا وإذا كانت أفضل خلف فاسق مع أنه غير مأمون على الدين فما بالك بشافعي تقي .

                                                                                        والحاصل أن الظاهر ما قاله الرملي ويدل عليه أيضا نفي المؤلف الكراهة والظاهر أن المراد بها التنزيهية الثابتة في غيره ( قوله الثاني أن يعلم ) تقدم عن المجتبى أنه إن كان مراعيا للشرائط والأركان عندنا فالاقتداء به صحيح على الأصح ويكره وإلا فلا يصح أصلا ( قوله في خصوص ما يقتدى به ) أي بأن رآه احتجم وصلى من غير غيبة ولا إعادة وضوء فلا يصح الاقتداء به في هذه الصلاة لأنه علم منه عدم المراعاة في خصوص ما يقتدى به وقوله أو في الجملة أي بأن رآه صلى بلا إعادة الوضوء ثم رآه بعد ذلك يصلي فهذه الصلاة الثانية لم يعلم منه عدم المراعاة فيها لكنه قد علمه منه في صلاة غيرها فقد علم منه عدم الاحتياط [ ص: 51 ] في الجملة والقول بفساد الاقتداء في هذه الصورة أضيق من القول الأول

                                                                                        ( قوله وقال الهندواني وجماعة لا يجوز ) أي بناء على أن المعتبر عندهم هو رأي الإمام قال في النهر وعلى هذا فيصح الاقتداء وإن لم يحتط ا هـ .

                                                                                        وظاهره الجواز وإن ترك بعض الأركان والشرائط عندنا لكن ذكر العلامة نوح أفندي في حواشي الدرر أن من قال إن المعتبر في جواز الاقتداء بالمخالف رأي الإمام عند جماعة منهم الهندواني أراد به رأي الإمام والمأموم معا لا رأي الإمام فقط كما فهمه بعض الناس فإن الاختلاف في اعتبار رأي الإمام لا في اعتبار رأي المأموم فإن اعتبار رأيه في الجواز وعدمه متفق عليه ثم قال فالحنفي المقتدي إذا رأى في ثوب الشافعي الإمام منيا لا يجوز له الاقتداء به اتفاقا لأن المني نجس على رأي الحنفي وإذا رأى في ثوبه نجاسة قليلة يجوز له الاقتداء عند الجمهور ولا يجوز عند البعض لأن النجاسة القليلة مانعة على رأي الإمام والمعتبر رأيهم . ا هـ . ولكن ليتأمل هذا مع ما مر من تجويز الرازي اقتداء الحنفي بمن يسلم من الركعتين في الوتر بناء على أنه لم يخرجه هذا السلام في اعتقاده مع أنه في رأي المؤتم قد خرج فليحرر .




                                                                                        الخدمات العلمية