الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                221 حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا مالك وهو ابن مغول عن أبي إسحق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسند ظهره إلى قبة أدم فقال ألا لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة اللهم هل بلغت اللهم اشهد أتحبون أنكم ربع أهل الجنة فقلنا نعم يا رسول الله فقال أتحبون أن تكونوا ثلث أهل الجنة قالوا نعم يا رسول الله قال إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة ما أنتم في سواكم من الأمم إلا كالشعرة السوداء في الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا مالك ، وهو ابن مغول عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله ) هذا الإسناد كله كوفيون .

                                                                                                                قوله : ( قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة ؟ قال : فكبرنا ثم قال : أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة ؟ فكبرنا ثم قال : إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة ) أما تكبيرهم فلسرورهم بهذه البشارة العظيمة . وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : ربع أهل الجنة ثم ثلث أهل الجنة ثم الشطر ، ولم يقل أولا ( شطر أهل الجنة ) فلفائدة حسنة وهي : أن ذلك أوقع في نفوسهم وأبلغ في إكرامهم ، فإن إعطاء الإنسان مرة بعد أخرى دليل على الاعتناء به ودوام ملاحظته ، وفيه فائدة أخرى هي تكريره البشارة مرة بعد أخرى ، وفيه أيضا حملهم على تجديد شكر الله تعالى وتكبيره وحمده على كثرة نعمه . والله أعلم . ثم إنه وقع في هذا الحديث ( شطر أهل الجنة ) ، وفي الرواية الأخرى ( نصف أهل الجنة ) ، وقد ثبت في الحديث الآخر أن أهل الجنة عشرون ومائة صف هذه الأمة منها ثمانون صفا ، فهذا دليل على أنهم يكونون ثلثي أهل الجنة ، فيكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أولا بحديث الشطر ، ثم تفضل الله سبحانه بالزيادة ، فأعلم بحديث الصفوف فأخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك ، ولهذا نظائر كثيرة في الحديث معروفة كحديث : ( الجماعة تفضل صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة ، وبخمس وعشرين درجة ) على إحدى التأويلات فيه ، وسيأتي تقريره في موضعه إن وصلناه إن شاء الله تعالى . والله أعلم .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ) هذا نص صريح في أن من مات على الكفر لا يدخل الجنة أصلا ، وهذا النص على عمومه بإجماع المسلمين .

                                                                                                                [ ص: 452 ] وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( اللهم هل بلغت اللهم اشهد ) معناه : أن التبليغ واجب علي وقد بلغت فاشهد لي به .




                                                                                                                الخدمات العلمية