الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1453 [ ص: 142 ] 122 - حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشأم من الجحفة، وأهل نجد من قرن. قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويهل أهل اليمن من يلملم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة) ورجاله قد ذكروا غير مرة، وتفسير ألفاظه قد مر عن قريب.

                                                                                                                                                                                  قوله: (قال عبد الله) هو ابن عمر.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وبلغني) ورواية سالم عنه بلفظ: (زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، ولم أسمعه) وتقدم في العلم من وجه آخر بلفظ: (لم ألقه هذه من النبي صلى الله عليه وسلم) ومع هذا هو ثبت من حديث ابن عباس، كما ذكر في الباب الذي قبله، ومن حديث جابر، وعائشة، والحارث بن عمرو السهمي.

                                                                                                                                                                                  أما حديث جابر، فرواه مسلم من حديث أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن المهل، فقال: سمعت -أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم- فقال: "مهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن يلملم".

                                                                                                                                                                                  وأما حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فرواه النسائي من رواية القاسم عنها قالت: (وقت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة من ذي الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل اليمن يلملم).

                                                                                                                                                                                  وأما حديث الحارث بن عمرو، فرواه أبو داود عنه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمنى أو عرفات، الحديث.

                                                                                                                                                                                  وفيه: وقت ذات عرق لأهل العراق.

                                                                                                                                                                                  وفيه البلاغ هل هو حجة أو هو من قبيل المجهول; لأن راويه غير معلوم، فالذي قاله أهل الفن أنه لا يقدح به; لأن الظاهر أنه لا يرويه إلا عن صحابي آخر، والصحابة كلهم عدول.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): قالوا: عمر بن الخطاب هو الذي وقت لأهل العراق ذات عرق; لأن العراق في زمانه افتتحت، ولم تكن العراق في عهده صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  (قلت): هذا تغفل، بل الذي وقت لأهل العراق ذات عرق هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صرح به في رواية أبي داود المذكورة آنفا، وكذلك وقت لأهل الشام ومصر الجحفة، ولم تكونا افتتحتا في زمنه صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم علم أن سيفتح الله تعالى على أمته الشام ومصر والعراق، وغيرها من الأقاليم، ويؤيد ذلك قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "منعت العراق دينارها ودرهمها، ومنعت الشام إردبها" بمعنى "ستمنع" وذات عرق ثنية أو هضبة بينها وبين مكة يومان وبعض يوم. والله تعالى أعلم.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية