الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              652 [ 341 ] وعن جابر بن سمرة قال : كنا إذا صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلنا : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله - وأشار بيده إلى الجانبين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علام تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس ؟ إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله .

                                                                                              وفي رواية : فقال ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس ، إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده .

                                                                                              رواه أحمد ( 5 \ 107 )، ومسلم ( 431 )، وأبو داود ( 1000 )، والنسائي ( 552 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله " لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم . . . " الحديث ، وهذا أيضا وعيد بإعماء من رفع رأسه إلى السماء في الصلاة ، ولا فرق بين أن يكون عند الدعاء أو عند غيره ; لأن الوعيد إنما تعلق به من حيث إنه إذا رفع بصره إلى السماء أعرض عن القبلة وخرج عن سمتها وعن هيئة الصلاة ، وقد نقل بعض العلماء الإجماع على النهي عن ذلك في الصلاة . وحكى الطبري كراهية رفع البصر في الدعاء إلى السماء في غير الصلاة ، وحكي عن شريح أنه قال لمن رآه يفعله : اكفف يديك ، واخفض بصرك ; فإنك لن تراه ولن تناله . وأجازها الأكثر ; لأن السماء قبلة الدعاء ، كما أن الكعبة قبلة الصلاة . وقد رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجهه ويديه إلى السماء عند الدعاء ، فلا ينكر ذلك .

                                                                                              [ ص: 61 ] وقوله حين رآهم يشيرون بأيديهم إذا سلموا من الصلاة " ما لي أراكم . . . " الحديث ، كانوا يشيرون عند السلام من الصلاة بأيديهم يمينا وشمالا ، وتشبيه أيديهم بأذناب الخيل الشمس تشبيه واقع ; فإنها تحرك أذنابها يمينا وشمالا ، فلما رآهم على تلك الحالة أمرهم بالسكون في الصلاة ، وهذا دليل على أبي حنيفة في أن حكم الصلاة باق على المصلي إلى أن يسلم ، ويلزم منه أنه إن أحدث في تلك الحالة - أعني في حالة الجلوس الأخير للسلام - أعاد الصلاة .

                                                                                              [ ص: 62 ] وقوله “ ما لي أراكم عزين " ; جماعات في تفرقة ، والواحدة عزة - مخففة الزاي ، أمرهم بالائتلاف والاجتماع والاصطفاف كصفوف الملائكة ، وهذا يدل على استحباب تسوية الصفوف ، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، وقال : إنه من تمام الصلاة ; كما يأتي إن شاء الله .




                                                                                              الخدمات العلمية