الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3162 - "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله؛ وأن محمدا رسول الله ؛ وإقام الصلاة؛ وإيتاء الزكاة؛ وحج البيت؛ وصوم رمضان"؛ (حم ق ت ن)؛ عن ابن عمر ؛ (صح) .

التالي السابق


(بني الإسلام) ؛ بالبناء للمفعول؛ أي: أسس؛ واستعمال الموضوع للمحسوس في المعاني مجاز؛ علاقته المشابهة؛ شبه الإسلام ببناء محكم؛ وأركانه الآتية بقواعد ثابتة محكمة ؛ حاملة لذلك البناء؛ فتشبيه الإسلام بالبناء استعارة ترشيحية؛ (على) ؛ دعائم وأركان؛ (خمس) ؛ وهي خصاله المذكورة؛ قيل: المراد القواعد؛ ولذلك خلت عن التاء؛ ولو أريد الأركان لالتحقت؛ ونوزع بأن في رواية مسلم : "خمسة"؛ وهي صريحة في إرادة الأركان؛ وتقدير "خمس"؛ وصفا؛ أقرب من تقديره مضافا؛ لجواز حذف الموصوف إذا علم بخلاف المضاف إليه؛ (شهادة) ؛ يجر مع ما بعده بدلا من "خمس"؛ وهو أولى؛ ويصح رفعه بتقدير مبتدإ؛ أي: "هي"؛ أو "أحدها"؛ أو خبر؛ أي: "منها"؛ ونصبه بإضمار "أعني"؛ وخص الخمس بكونها أركانه؛ ولم يذكر معها الجهاد؛ مع كونه ذروة سنامه؛ لأنها فروض عينية؛ وهو كفاية؛ ولأن فرضيته تنقطع بنزول عيسى - عليه السلام - بخلاف الخمس؛ (أن لا إله إلا الله) ؛ في رواية: "إيمان بالله؛ ورسوله" ؛ (وأن محمدا رسول الله) ؛ أخذ منه أبو الطيب أنه يشترط في صحة الإسلام تقدم الإقرار بالتوحيد عليه بالرسالة؛ ولم يتابع مع اتجاهه؛ قال ابن حجر - رحمه الله -: لم يذكر الإيمان بالملائكة؛ وغيره مما هو في خبر جبريل - عليه السلام -؛ لأنه أراد بالشهادة تصديق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بكل ما جاء به؛ فيستلزم ذلك؛ (وإقام) ؛ أصله: "إقامة"؛ حذفت تاؤه للازدواج؛ (الصلاة) ؛ أي: المداومة عليها؛ (وإيتاء) ؛ أي: إعطائها؛ (الزكاة) ؛ أهلها؛ فحذف للعلم به؛ ورتب هذه الثلاثة في جميع الروايات؛ لأنها وجبت كذلك؛ وتقديما للأفضل فالأفضل؛ (وحج البيت ) ؛ أي: الكعبة ؛ (وصوم رمضان) ؛ لم يذكر فيهما الاستطاعة؛ لشهرتها؛ ووجه الحصر أن العبادة إما بدنية محضة؛ كصلاة؛ أو مالية محضة؛ كزكاة؛ أو مركبة كالأخيرين؛ وأفاد ببناء الإسلام عليها أن البيت لا يثبت بدون دعائمه؛ وليست هي إلا هذه الخمس؛ وما بقي من شعب الإيمان المذكور في حديثه المار؛ تجرى مجرى تحسين البناء؛ وتكميله؛ والشهادتان هما الأساس الكلي الحامل لجميع ذلك البناء؛ ولبقية تلك القواعد.

(حم ق ت ن) ؛ في الإيمان؛ كلهم؛ (عن ابن عمر ) ؛ ابن الخطاب ؛ قال المناوي : وقع في جامع الأصول أن ذا لفظ مسلم خاصة؛ ولفظ الشيخين غيره؛ وقد انعكس عليه؛ بل هو لفظ الصحيحين.




الخدمات العلمية