الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبقي من الواجبات إتيان كل واجب أو فرض في محله ، فلو أتم القراءة فمكث متفكرا سهوا ثم ركع أو تذكر السورة راكعا فضمها قائما أعاد الركوع وسجد للسهو وترك تكرير ركوع وتثليث [ ص: 470 ] سجود وترك قعود قبل ثانية أو رابعة وكل زيادة تتخلل بين الفرضين وإنصات المقتدي

التالي السابق


( قوله فلو أتم القراءة ) في بعض النسخ : فلو أتم الفاتحة ; وهذا مثال لتأخير الفرض وهو الركوع هنا عن محله ( قوله أو تذكر السورة إلخ ) مثال لتأخير الواجب وهو السورة عن محله لفصله بين الفاتحة والسورة بأجنبي وهو الركوع المرفوض لوقوعه في أثناء القراءة ; لأنه لما قرأ السورة التحقت بالفرض وبعد وجود القراءة يصير الترتيب بينها وبين الركوع فرضا ; بخلافه قبل وجودها فإنه يكون واجبا كما قدمنا تحقيقه في بحث القيام ; وسيأتي له زيادة تحقيق آخر في فصل القراءة والفرق بين القراءة وبين القنوت حيث لا يعود له ، وقيد بتذكر السورة لأنه لو قرأها ثم عاد فقرأ سورة أخرى لا ينتقض ركوعه كما في سهو الحلية عن الزاهدي وغيره ( قوله أعاد الركوع ) مختص بالمسألة الثانية ، وقوله وسجد للسهو راجع للمسألتين ، وفي التركيب حزازة ; ولو قال فضمها قائما وأعاد الركوع سجد للسهو لسلم من هذا ح .

( قوله وترك تكرير ركوع إلخ ) بالرفع عطفا على إتيان لأن في زيادة ركوع أو سجود تغيير المشروع لأن الواجب في كل ركعة ركوع واحد وسجدتان فقط ، فإذا زاد على ذلك فقد ترك الواجب ، ويلزم منه ترك واجب آخر وهو ما مر ، أعني إتيان الفرض في محله لأن تكرير الركوع فيه تأخير السجود عن محله وتثليث السجود فيه تأخير القيام ، أو القعدة وكذا القعدة في آخر الركعة الأولى أو الثالثة فيجب تركها ، ويلزم من فعلها أيضا تأخير القيام إلى الثانية أو الرابعة عن محله ، وهذا إذا كانت القعدة طويلة ، أما الجلسة الخفيفة التي استحبها الشافعي فتركها غير واجب عندنا ، بل هو الأفضل كما سيأتي وهكذا كل زيادة بين فرضين يكون فيها ترك واجب بسبب تلك الزيادة ; ويلزم منها ترك واجب آخر وهو تأخير الفرض الثاني عن محله .

والحاصل أن ترك هذه المذكورات في كلام الشارح واجب لغيره وهو إتيان كل واجب أو فرض في محله الذي ذكره أولا ، فإن ذلك الواجب لا يتحقق إلا بترك هذه المذكورات فكان تركها واجبا لغيره لأنه يلزم من الإخلال بهذا الواجب الإخلال بذاك الواجب ، فهو نظير عدهم من الفرائض الانتقال من ركن إلى ركن فإنه [ ص: 470 ] فرض لغيره كما قدمنا بيانه ; فلا تكرار في كلامه فافهم ( قوله وكل زيادة إلخ ) بجر كل عطفا على تكرير من عطف العام على الخاص ، ويدخل في الزيادة السكوت ; حتى لو شك فتفكر سجد للسهو كما مر ، وقوله بين الفرضين غير قيد ، فتدخل الزيادة بين فرض وواجب كالزيادة بين التشهد الأول والقيام إلى الركعة الثالثة كما مر . والظاهر أن منه قراءة التشهد بعد السجدة الثانية بلا تأخير ، حتى لو رفع من السجدة وقعد ساكتا يلزمه السهو ، ومنه يعلم ما يفعله كثير من الناس حين يمد المبلغ تكبير القعدة فلا يشرعون بقراءة التشهد إلا بعد سكوته فليتنبه ، قال ط : استفيد منه أنه لو أطال قيام الركوع أو الرفع بين السجدتين أكثر من تسبيحة بقدر تسبيحة ساهيا يلزمه سجود السهو فليتنبه له ا هـ ولم يعزه إلى أحد ، نعم ذكر نحوه ابن عبد الرزاق في شرحه على هذا الشرح فقال كإطالة وقوفه بعد الرفع من الركوع ا هـ ولم يعزه أيضا ، ولم أر ذلك لغيرهما ، ويحتاج إلى نقل صريح ، نعم رأيت في سجود السهو من الحلية عن الذخيرة والتتمة نقلا عن غريب الرواية أنه ذكر البلخي في نوادره عن أبي حنيفة : من شك في صلاته فأطال تفكره في قيامه أو ركوعه أو قومته أو سجوده أو قعدته لا سهو عليه ، وإن في جلوسه بين السجدتين فعليه السهو ; لأن له أن يطيل اللبث في جميع ما وصفنا إلا فيما بين السجدتين وفي القعود في وسط الصلاة ا هـ وقوله لا سهو عليه مخالف للمشهور في كتب المذهب ، ولكن هذه رواية غريبة نادرة فليتأمل . ورأيت في البحر في باب الوتر عند قول الكنز ويتبع المؤتم قانت الوتر لا الفجر إن طول القيام في الرفع من الركوع ليس بمشروع ( قوله وإنصات المقتدي ) فلو قرأ خلف إمامه كره تحريما ولا تفسد في الأصح كما سيأتي قبيل باب الإمامة ولا يلزمه سجود سهو لو قرأ سهوا لأنه لا سهو على المقتدي ، وهل يلزم المتعمد الإعادة جزم ح وتبعه ط بوجوبها ، وانظر ما قدمناه أول الواجبات .




الخدمات العلمية