الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ولو استولدها على شراء أو هبة أو صدقة أو وصية أخذ المستحق الجارية وقيمة الولد ; لأن الموجب للغرور ملك مطلق للاستيلاد له [ ص: 178 ] في الظاهر وهو موجود ، وما هو الظاهر ، ولو كان حقيقة كان الولد حرا فباعتبار الظاهر يثبت حرية الولد أيضا ويرجع الأب على البائع بالثمن ، وقيمة الولد ; لأن المبيع لم يسلم له وبعقد المعاوضة استحق سلامتها له سليمة عن العيب ، ولا عيب فوق الاستحقاق فيكون له أن يرجع بما يغرم بهذا السبب على البائع ، ولا يرجع عليه بالعقد عندنا وعند الشافعي يرجع بالعقر كما يرجع عليه بقيمة الولد ; لأنه ضمان لزمه بسبب فوت السلامة المستحقة له بالعقد .

ولكنا نقول : إنما لزمه العقر عوضا عما استوفى من منافع البضع فلو رجع به سلم المستوفى له مجانا والوطء في ملك الغير لا يجوز أن يسلم للواطئ مجانا ، ولا يرجع على الواهب ، والمتصدق والوصي بشيء من قيمة الأولاد عندنا وعند الشافعي له ذلك ; لأنه الغرور قد تحقق منه بإيجابه الملك له في المحل واختار أنها مملوكته سواء كان بعوض أو بغير عوض .

ولكنا نقول : مجرد الغرور لا يكفي لإثبات حق الرجوع فإن من أخبر إنسانا أن هذا الطريق آمن وسلك فيه فأخذ اللصوص متاعه لم يرجع على المخبر ، وإنما ثبوت حق الرجوع باعتبار عقد المعاوضة ; لأن صفة السلامة تصير مستحقة به ، فأما بعقد التبرع لا تصير صفة السلامة مستحقة به ; ولهذا لا يثبت فيه حق الرد بالعيب فلم يكن له أن يرجع على المتبرع بقيمة الأولاد ; وهذا لأن عقد التبرع لا يكون سببا لوجوب الضمان على المتبرع للمتبرع عليه ; ( ألا ترى ) أن الملك لا يحصل به قبل التسليم

التالي السابق


الخدمات العلمية