الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5505 5506 ص: واحتجوا في إجازة الشراء مع التلقي المنهي عنه بما حدثنا علي بن معبد ، قال: ثنا عبد الله بن بكر السهمي، قال: ثنا هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه شيئا فهو بالخيار إذا أتى السوق".

                                                [ ص: 379 ] حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا يوسف بن عدي ، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "لا تستقبلوا الجلب، ولا يبيعن حاضر لباد، ، والبائع بالخيار إذا أتى السوق". .

                                                ففي هذا الحديث عن رسول الله -عليه السلام- أنه نهى عن تلقي الجلب، ثم جعل للبائع في ذلك الخيار إذا دخل السوق، والخيار لا يكون إلا في بيع صحيح؛ لأنه لو كان فاسدا لأجبر بائعه ومشتريه على نسخه، ولم يكن لواحد منهما إباؤه ذلك، فلما جعل النبي -عليه السلام- الخيار في ذلك البيع؛ ثبت بذلك صحته؛ وإن كان معه تلق مكروه.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي احتج الآخرون وهو أهل المقالة الثانية في جواز شراء الملتقي مع ورود النهي عن التلقي بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فإن فيه النهي عن التلقي والخيار للبائع إذا دخل السوق، ولا شك أن الخيار لا يكون إلا بتبايع صحيح؛ لأن العقد لو كان فاسدا لأجبر المتعاقدان على فسخه، ولا يمكن واحد منهما عن الإباء عن ذلك، فلما كان الأمر كذلك ثبت أن العقد في ذلك صحيح وإن كان يجاوره التلقي المنهي عنه.

                                                ثم إنه خرج حديث أبي هريرة من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن علي بن معبد بن نوح المصري ، عن عبد الله بن بكر السهمي ، عن هشام بن حسان القردوسي ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه مسلم : ثنا ابن أبي عمر، ثنا هشام بن سليمان ، عن ابن جريج ، أخبرني هشام القردوسي -هو ابن حسان- عن ابن سيرين ، سمعت أبا هريرة يقول: إن رسول الله -عليه السلام- قال: "لا تلقوا الجلب، فمن تلقى فاشترى منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار".

                                                [ ص: 380 ] الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن يوسف بن عدي بن زريق شيخ البخاري ، عن عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه أبو داود : ثنا الربيع بن نافع أبو توبة، ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة: "أن النبي -عليه السلام- نهى عن تلقي الجلب، فإن تلقاه متلق فاشتراه، فصاحب السلعة بالخيار إذا وردت السوق".

                                                واحتج الشافعي ومالك وأحمد بالحديث المذكور على ثبوت الخيار للبائع في هذه المسألة، فقال الشافعي: لا تتلقى السلعة، فمن تلقاها فصاحبها بالخيار إذا بلغ السوق، وقال ابن خواز منداد: البيع في تلقي السلع صحيح على قول الجميع، وإنما الخلاف هو أن المشتري لا يفوز بالسلعة ويشركه فيها أهل الأسواق، وأن البائع بالخيار.

                                                قال أبو عمر: ما حكاه ابن خواز منداد عن الجميع في جواز البيع هو الصحيح، لدلالة الحديث الصحيح عليه، لا ما حكاه سحنون عن بعضهم أنه يفسخ البيع.

                                                قوله: "ولا يبيعن حاضر لباد" الحاضر المقيم في المدن والقرى، والبادي المقيم بالبادية، وسيجيء بيان ذلك مستقصى.




                                                الخدمات العلمية