الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2105 حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن ابن السباق أن عبد الله بن عباس قال أخبرتني ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوما واجما فقالت ميمونة يا رسول الله لقد استنكرت هيئتك منذ اليوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني أم والله ما أخلفني قال فظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومه ذلك على ذلك ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا فأمر به فأخرج ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه فلما أمسى لقيه جبريل فقال له قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة قال أجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ فأمر بقتل الكلاب حتى إنه يأمر بقتل كلب الحائط الصغير ويترك كلب الحائط الكبير

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( أصبح يوما واجما ) هو بالجيم . قال أهل اللغة : هو الساكت الذي يظهر عليه الهم والكآبة ، وقيل : هو الحزين ، يقال : وجم يجم وجوما .

                                                                                                                قوله : ( أصبح يوما واجما ، فقالت ميمونة : يا رسول الله لقد استنكرت هيئتك منذ اليوم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني ، أم والله ما أخلفني ) وذكر الحديث .

                                                                                                                فيه أنه يستحب للإنسان إذا رأى صاحبه ومن له حق واجما أن يسأله عن سببه ، فيساعده فيما يمكن مساعدته ، أو يتحزن معه ، أو يذكره بطريق يزول به ذلك العارض . وفيه التنبيه على الوثوق بوعد الله ورسله ، لكن قد يكون للشيء شرط فيتوقف على حصوله ، أو يتخيل توقيته بوقت ، ويكون [ ص: 269 ] غير موقت به ، ونحو ذلك . وفيه أنه إذا تكدر وقت الإنسان أو تنكدت وظيفته ونحو ذلك فينبغي أن يفكر في سببه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هنا حتى استخرج الكلب ، وهو من نحو قول الله تعالى : إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون .

                                                                                                                قوله : ( ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا ، فأمر به فأخرج ، ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه ) أما ( الجرو ) فبكسر الجيم وضمها وفتحها ، ثلاث لغات مشهورات ، وهو الصغير من أولاد الكلب وسائر السباع ، والجمع أجر وجراء ، وجمع الجراء أجرية . وأما الفسطاط ففيه ست لغات : فسطاط وفستاط بالتاء ، وفساط بتشديد السين وضم الفاء فيهن ، وتكسر ، وهو نحو الخباء . قال القاضي : والمراد به هنا بعض حجال البيت ، بدليل قولها في الحديث الآخر ( تحت سرير عائشة ) وأصل الفسطاط عمود الأخبية التي يقام عليها . والله أعلم .

                                                                                                                وأما قوله : ( ثم أخذ بيده ماء فنضح به مكانه ) فقد احتج به جماعة في نجاسة الكلب . قالوا : والمراد بالنضح الغسل وتأولته المالكية على أنه غسله لخوف حصول بوله أو روثه .




                                                                                                                الخدمات العلمية