الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5540 ص: وأما من طريق النظر: فإنا قد رأينا الأقوال تملك بعقود في أبدان وفي أموال وفي منافع وفي أبضاع، فكان ما تملك به من الأبضاع هو النكاح، فكان يتم بالعقد لا بفرقة بعد العقد، وكان ما تملك به المنافع هو الإجارات، فكان ذلك أيضا مملوكا بالعقد لا بفرقة بعد العقد، فالنظر على ذلك أن تكون كذلك الأموال المعقودة بسائر العقود من البيوع وغيرها، تكون مملوكة بالأقوال لا بفرقة بعدها؛ قياسا ونظرا على ما ذكرنا من ذلك.

                                                وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد -رحمهم الله-.

                                                [ ص: 427 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 427 ] ش: وجه النظر والقياس ظاهر، وهو قياس العقود من البيع ونحوه على العقود التي تكون بالمنافع كالإجارات وبالأبضاع كالأنكحة، فكما لا يشترط فيهما الفرقة بالأبدان بعد العقد؛ فكذلك لا يشترط في عقود البيع، والجامع كون كل منهما عقدا يتم بالإيجاب والقبول وقد اعترض ابن حزم اعتراضا تافها، حاصله: أن القياس باطل، ثم لو صح لكان هذا منكم عين الباطل؛ لأن النكاح فيه إباحة فرج كان محرما ملك رقبته، ولا يجوز فيه اشتراط خيار أصلا ولا تأجيل، وأنتم تجيزون الخيار المشروط في البيع والتأجيل ولا ترونه قياس أحدهما على الآخر.

                                                والإجارة إباحة منافع بعوض لا تملك به الرقبة بخلاف البيع.

                                                قلت: القياس في الحقيقة تشبيه حكم بحكم شيء آخر دون التشبه على العموم والجامع ها هنا في صفة خاصة وهو تملك الأبضاع في النكاح بمجرد العقد بدون الاحتياج إلى التفرق وذلك مثل تملك المنافع فيقاس على ذلك تملك الأموال بعقد البيع بمجرد وجوب العقد بدون الاحتياج إلى التفرق فهذا هو وجه هذا القياس الذي خفي على ابن حزم حتى تصدى به إلى الاعتراض الذي طعن به علينا.

                                                ***




                                                الخدمات العلمية