الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ثوب في يدي رجل ، فقال : وهبه لي فلان ، فقال : نعم أو أجل أو بلى أو صدقت أو قال ذلك بالفارسية فهو إقرار ; لأن ما ذكره في موضع الجواب غير مستقل بنفسه فإنه ليس بمفهوم المعنى ، وهو مما يصلح أن يكون جوابا وما تقدم من الخطاب يصير كالمعاد للجواب ، قال الله تعالى { فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم } أي نعم قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، وقال الله تعالى { ألست بربكم قالوا بلى } أي بلى أنت ربنا فهنا أيضا يصير ما تقدم من عقد الهبة معادا في الجواب فيثبت العقد بإقراره والقبض موجود فيجعل صادرا عن ذلك العقد ، وإن لم يكن الثوب في يد الموهوب له ، ولكنه في يد الواهب فادعى الموهوب له الهبة والتسليم وجحد ذلك الواهب ، فإن شهد الشهود بمعاينة القبض قبل بالاتفاق ، وكان الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة . وإن شهدوا على إقرار الواهب بالتسليم كان أبو حنيفة رحمه الله يقول أولا : لا يقبل ; لأن تمام الهبة يقبض بحكم ، والقبض فعل لا يصير موجودا بالإقرار به كذبا فإن المخبر عنه إذا كان باطلا فبالإخبار عنه لا يصير حقا كقرية المقرين وجحود المبطلين ، فإذا لم يشهدوا بهبة تامة لا تقبل الشهادة ، ثم رجع ، وقال : الشهادة مقبولة ، وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ; لأن ثبوت إقراره بالبينة كثبوته بالمعاينة ، والقبض وإن كان فعلا هو يثبت في حق المقر بإقراره كالقتل والغصب في حق المقر بإقراره فهذا مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية