الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن أكل أو شرب عمدا بطلت صلاته ، قل أو كثر ) إذا أكل عمدا : فتارة يكون في نفل ، وتارة يكون في فرض فإن كان [ ص: 130 ] في فرض بطلت الصلاة بقليله وكثيره ، على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب وقطعوا به ، وحكاه ابن المنذر إجماعا ، وحكى في الرعاية قولا بأنها لا تبطل بشرب يسير ، وإن كان في نفل : فتارة يكون كثيرا ، وتارة يكون يسيرا فإن كان كثيرا بطلت الصلاة ، وإن كان يسيرا ، فظاهر كلام المصنف : أنها تبطل أيضا ، وهو إحدى الروايات قال في المغني والشارح : هذا الصحيح من المذهب قال في الكافي بعد أن قدمه هذا أولى قال ابن رزين : وقدمه ابن تميم ، والرعايتين ، والحاويين ، وإدراك الغاية قال في الحواشي : قدمه جماعة ، والرواية الثانية : لا تبطل قدمه في الفروع ، ومجمع البحرين ، ونصره فهو إذن المذهب ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والهادي ، والتلخيص وشرح المجد ، والمحرر ، والخلاصة ، والفائق ، والرواية الثالثة : تبطل بالأكل فقط قال ابن هبيرة : هي المشهورة عنه قال في الفروع : هي الأشهر عنه قوله ( وإن كان سهوا لم تبطل إذا كان يسيرا ) ، وهذا المذهب ، فرضا كان أو نفلا ، وعليه أكثر الأصحاب ، وعنه تبطل قدمه في الكافي ، وقيل : تبطل بالأكل فقط .

تنبيه : مفهوم كلام المصنف : أن الأكل والشرب سهوا يبطل الصلاة إذا كان كثيرا ، وهو صحيح ، فرضا كان أو نفلا ، وهو المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم ، وعنه لا تبطل ، وهو ظاهر المستوعب ، والتلخيص ، وأطلقهما ابن تميم ، وقيل : يبطل الفرض فقط .

فوائد . منها : الجهل بذلك كالسهو ، على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع ، [ ص: 131 ] وقال : ولم يذكر جماعة الجهل في الأكل والشرب . منهم المصنف ، والشارح وصاحب الفائق ، ومنها : لو كان في فمه سكر أو نحوه مذاب وبلعه ، فالصحيح من المذهب : أنه كالأكل قدمه في الفروع ، والرعاية وجزم به في المغني ، والشرح ، وقيل : لا تبطل ، وهما وجهان في التلخيص ، وابن تميم ، وأطلقهما ، وذكر في المذهب في النفل روايتين قال : وكذا لو فتح فاه فنزل فيه ماء المطر فابتلعه ، وذكر في الرعاية : إن بلع ماء وقع عليه من ماء مطر لم تبطل ، ومنها : لو بلع ما بين أسنانه مما يجري فيه الريق من غير مضغ ، لم تبطل صلاته نص عليه ، وهو المذهب ، وعليه جمهور الأصحاب وجزم به المصنف ، والشارح وغيرهما وقدمه في الفروع ، وابن تميم ، والرعاية ، وغيرهم ، وقيل : تبطل ، وقال في الروضة : ما يمكن إزالته من ذلك يفسد ابتلاعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية