الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته وحمله إلى صالح يحنكه وجواز تسميته يوم ولادته واستحباب التسمية بعبد الله وإبراهيم وسائر أسماء الأنبياء عليهم السلام

                                                                                                                2144 حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عباءة يهنأ بعيرا له فقال هل معك تمر فقلت نعم فناولته تمرات فألقاهن في فيه فلاكهن ثم فغر فا الصبي فمجه في فيه فجعل الصبي يتلمظه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حب الأنصار التمر وسماه عبد الله

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر ، فإن تعذر فما في معناه وقريب منه من الحلو ، فيمضغ المحنك التمر حتى تصير مائعة بحيث تبتلع ، ثم يفتح فم المولود ، ويضعها فيه ليدخل شيء منها جوفه ، ويستحب أن يكون المحنك من الصالحين وممن يتبرك به رجلا كان أو امرأة ، فإن لم يكن حاضرا عند المولود حمل إليه .

                                                                                                                قوله : ( ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة حين ولد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عباءة يهنأ بعيرا له فقال : هل معك تمر ؟ " فقلت : نعم ، فناولته تمرات ، فألقاهن في فيه فلاكهن ، ثم فغر فا الصبي فمجه فيه ، فجعل الصبي يتلمظه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حب الأنصار التمر وسماه عبد الله ) .

                                                                                                                أما العباءة فمعروفة ، وهي ممدودة ، يقال فيها ( عباية ) بالياء ، وجمع العباءة العباء . وأما قوله : ( يهنأ ) فبهمز آخره أي يطليه بالقطران ، وهو الهناء بكسر الهاء والمد ، يقال : هنأت البعير أهنؤه . ومعنى ( لاكهن ) أي مضغهن . قال أهل اللغة : اللوك مختص بمضغ الشيء الصلب . ( وفغر فاه ) بفتح الفاء والغين المعجمة أي فتحه . ( ومجه فيه ) أي طرحه فيه . ( ويتلمظ ) أي يحرك لسانه ليتتبع ما في فيه من آثار التمر ، والتلمظ واللمظ فعل ذلك باللسان يقصد به فاعله تنقية الفم من بقايا الطعام ، وكذلك ما على الشفتين ، وأكثر ما يفعل ذلك في شيء يستطيبه ، ويقال : تلمظ يتلمظ تلمظا ، ولمظ يلمظ بضم الميم لمظا بإسكانها ، ويقال لذلك الشيء الباقي في الفم لماظة بضم اللام .

                                                                                                                وقوله صلى الله عليه وسلم : ( حب الأنصار التمر ) روي بضم الحاء وكسرها ، فالكسر بمعنى المحبوب [ ص: 303 ] كالذبح بمعنى المذبوح ، وعلى هذا فالباء مرفوعة أي محبوب الأنصار التمر ، وأما من ضم الحاء فهو مصدر ، وفي الباء على هذا وجهان النصب وهو الأشهر ، والرفع ، فمن نصب فتقديره انظروا حب الأنصار التمر ، فينصب التمر أيضا ، ومن رفع قال : هو مبتدأ حذف خبره أي حب الأنصار التمر لازم ، أو هكذا ، أو عادة من صغرهم . والله أعلم .

                                                                                                                وفي هذا الحديث فوائد منها تحنيك المولود عند ولادته ، وهو سنة بالإجماع كما سبق . ومنها أن يحنكه صالح من رجل أو امرأة . ومنها التبرك بآثار الصالحين ، وريقهم ، وكل شيء منهم . ومنها كون التحنيك بتمر ، وهو مستحب ، ولو حنك بغيره حصل التحنيك ، ولكن التمر أفضل . ومنها جواز لبس العباءة . ومنها التواضع ، وتعاطي الكبير أشغاله ، وأنه لا ينقص ذلك مروءته ، ومنها استحباب التسمية بعبد الله . ومنها استحباب تفويض تسميته إلى صالح فيختار له اسما يرتضيه ومنها جواز تسميته يوم ولادته . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية