الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7422 ) : ( ويقاتل كل قوم من يليهم من العدو ) . الأصل في هذا قول الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } ولأن الأقرب أكثر ضررا ، وفي قتاله دفع ضرره عن المقابل له ، وعمن وراءه ، والاشتغال بالبعيد عنه ، يمكنه من انتهاز الفرصة في المسلمين ; لاشتغالهم عنه . قيل لأحمد : يحكون عن ابن المبارك أنه قيل له : تركت قتال العدو عندك ، وجئت إلى هاهنا ؟ قال : هؤلاء أهل الكتاب .

                                                                                                                                            فقال أبو عبد الله : سبحان الله ، ما أدري ما هذا القول ، يترك العدو عنده ، ويجيء إلى هاهنا ، أفيكون هذا ، أويستقيم هذا ، وقد قال الله تعالى { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } لو أن أهل خراسان كلهم عملوا على هذا ، لم يجاهد الترك أحد . وهذا والله أعلم إنما فعله ابن المبارك لكونه متبرعا بالجهاد ، والكفاية حاصلة بغيره من أهل الديوان وأجناد المسلمين ، والمتبرع له ترك الجهاد بالكلية ، فكان له أن يجاهد حيث شاء ، ومع من شاء . إذا ثبت هذا ، فإن كان له عذر في البداية بالأبعد ; لكونه أخوف ، أو لمصلحة في البداية به لقربه وإمكان الفرصة منه ، أو لكون الأقرب مهادنا ، أو يمنع من قتاله مانع ، فلا بأس بالبداية بالأبعد ، لكونه موضع حاجة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية