الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7452 ) فصل : وإن أسلم الأسير صار رقيقا في الحال ، وزال التخيير ، وصار حكمه حكم النساء . وبه قال الشافعي في أحد قوليه . وفي الآخر يسقط القتل ، ويتخير بين الخصال الثلاث

                                                                                                                                            لما روي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسروا رجلا من بني عقيل ، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد علام أخذت وأخذت سابقة الحاج ; فقال : أخذت بجريرة حلفائك من ثقيف ، فقد أسرت رجلين من أصحابي . فمضى النبي صلى الله عليه وسلم فناداه : يا محمد ، يا محمد . فقال له : ما شأنك ؟ فقال : إني مسلم ، فقال : { لو قلتها وأنت تملك أمرك لأفلحت كل الفلاح . وفادى به النبي صلى الله عليه وسلم الرجلين } ، رواه مسلم . ولأنه سقط القتل بإسلامه ، فبقي باقي الخصال على ما كانت عليه .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه أسير يحرم قتله ، فصار رقيقا كالمرأة ، والحديث لا ينافي رقه ، فقد يفادى بالمرأة وهي رقيق ، كما روى سلمة بن الأكوع ، أنه غزا مع أبي بكر ، فنفله امرأة ، فوهبها النبي صلى الله عليه وسلم فبعث بها إلى أهل مكة ، وفي أيديهم أسارى ، ففداهم بتلك المرأة . إلا أنه لا يفادى به ، ولا يمن عليه ، إلا بإذن الغانمين ; لأنه صار مالا لهم .

                                                                                                                                            ويحتمل أن يجوز المن عليه ; لأنه كان يجوز المن عليه ، مع كفره ، فمع إسلامه أولى ، لكون الإسلام حسنة يقتضي إكرامه ، والإنعام عليه ، لا منع ذلك في حقه . ولا يجوز رده إلى الكفار ، إلا أن يكون له ما يمنعه من المشركين ، من عشيرة أو نحوها ، وإنما جاز [ ص: 181 ] فداؤه ; لأنه يتخلص به من الرق . فأما إن أسلم قبل أسره ، حرم قتله واسترقاقه والمفاداة به ، سواء أسلم وهو في حصن ، أو جوف ، أو مضيق ، أو غير ذلك ; لأنه لم يحصل في أيدي الغانمين بعد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية