الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي: هذا باب في بيان قول الله عز وجل: ذلك لمن لم يكن إلى آخره.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ذلك) إشارة إلى التمتع؛ لأنه سيق فيها، وهو قوله: فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب

                                                                                                                                                                                  قوله: فإذا أمنتم أي إذا تمكنتم من أداء المناسك (فمن تمتع بالعمرة) أي فمن كان منكم متمتعا بالعمرة إلى الحج، وهو يشمل من أحرم بهما أو أحرم بالعمرة أولا، فلما فرغ منها أحرم بالحج، وهذا هو التمتع الخاص، والتمتع العام يشمل القسمين.

                                                                                                                                                                                  قوله: فما استيسر أي فعليه ما قدر عليه من الهدي يذبحه وأقله شاة.

                                                                                                                                                                                  قوله: فمن لم يجد أي هديا فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج أي في أيام المناسك.

                                                                                                                                                                                  قوله: وسبعة إذا رجعتم أي وعليه صيام سبعة أيام إذا رجعتم إلى أوطانكم.

                                                                                                                                                                                  وقيل: إذا فرغتم عن مناسككم.

                                                                                                                                                                                  قوله: تلك عشرة كاملة تأكيد، كما تقول: رأيت بعيني وسمعت بأذني وكتبت بيدي.

                                                                                                                                                                                  قوله: ذلك أي التمتع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وأصله حاضرين، فلما أضيف إلى المسجد سقطت النون للإضافة، وسقطت الياء في الوصل لسكونها وسكون اللام في المسجد.

                                                                                                                                                                                  وقد اختلف العلماء في حاضري المسجد الحرام من هم: فذهب طاوس ومجاهد إلى أنهم أهل الحرم، وبه قال داود، وقالت طائفة: من أهل مكة بعينها، روي هذا عن نافع وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وهو قول مالك، قال: هم أهل مكة ذي طوى وشبهها، وأما أهل منى وعرفة والمناهل مثل قديد ومر الظهران وعسفان فعليهم الدم، وذهب أبو حنيفة إلى أنهم أهل المواقيت، فمن دونهم إلى مكة، وهو قول عطاء ومكحول، وهو قول الشافعي بالعراق.

                                                                                                                                                                                  وقال الشافعي أيضا وأحمد: من كان من الحرم على مسافة لا تقصر في مثلها الصلاة فهو من حاضري المسجد الحرام، وعند الشافعي وأحمد ومالك وداود أن المكي لا يكره له التمتع ولا القران، وإن تمتع لم يلزمه دم.

                                                                                                                                                                                  وقال أبو حنيفة: يكره له التمتع والقران، فإن تمتع أو قرن فعليه دم جبرا، وهما في حق الأفقي مستحبان ويلزمه الدم شكرا.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية