الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : قال أبو بكر الرازي : في الآية دلالة على أن على المسلمين لعن من مات كافرا ، وأن زوال التكليف عنه بالموت لا يسقط عنا لعنه والبراءة منه ؛ لأن قوله : ( والناس أجمعين ) قد اقتضى أمرنا بلعنه بعد موته ، وهذا يدل على أن الكافر لو جن لم يكن زوال التكليف عنه بالجنون مسقطا للعنه والبراءة منه ، وكذلك السبيل فيما يوجب المدح والموالاة من الإيمان والصلاح ، فإن موت من كان كذلك أو جنونه ، لا يغير حكمه عما كان عليه قبل حدوث الحال به .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : القائلون بالموافاة احتجوا بهذه الآية فقالوا : علق تعالى وجوب لعنته بأن يموت على كفره ، فلو استحق ذلك قبل الموت لم يصح ذلك ، فعلمنا أن الكفر إنما يفيد استحقاق اللعن لو مات صاحبه عليه ، وكذا الإيمان إنما يفيد استحقاق المدح إذا مات صاحبه عليه . ( الجواب ) الحكم المرتب على الذين ماتوا على الكفر مجموع أمور : منها اللعن لو مات ، ومنها الخلود في النار ، وعندنا أن هذا المجموع وهو اللعن وحده ، لم قلتم : أنه لا يحصل إلا فيه .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السادسة : القائلون بأن الكفر من الأسماء الشرعية ، وما بقي على الوضع الأصلي وهم المعتزلة احتجوا بقوله تعالى : ( وماتوا وهم كفار ) والله تعالى وصفهم حال موتهم بأنهم كفار ، ومعلوم أن الكفر بمعنى الستر والتغطية ، لا يبقى فيهم حال الموت ؛ لأن التغطية لا تحصل إلا في حق الحي الفاهم .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السابعة : الآية تدل على جواز التخصيص مع التوكيد ؛ لأنه تعالى قال : ( والناس أجمعين ) مع أنه مخصوص على مذهب من قال : المراد بالناس بعضهم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية