الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ؛ معنى قول عيسى - عليه السلام - " وإن تغفر لهم " ؛ اختلف أهل النظر في تفسير قول عيسى : " وإن تغفر لهم " ؛ فقال بعضهم : معناه : " إن تغفر لهم كذبهم علي " ؛ وقالوا : لا يجوز أن يقول عيسى - عليه السلام - : " إن الله يجوز أن يغفر الكفر " ؛ وكأنه على هذا القول : " إن تغفر لهم الحكاية فقط " ؛ هذا قول أبي العباس محمد بن يزيد؛ [ ص: 224 ] ولا أدري : أشيء سمعه؛ أم استخرجه؟ والذي عندي - والله أعلم - أن عيسى قد علم أن منهم من آمن؛ ومنهم من أقام على الكفر؛ فقال عيسى في جملتهم : " إن تعذبهم " ؛ أي : " إن تعذب من كفر منهم؛ فإنهم عبادك؛ وأنت العادل عليهم؛ لأنك أوضحت لهم الحق؛ وكفروا بعد وجوب الحجة عليهم؛ وإن تغفر لمن أقلع منهم وآمن؛ فذلك تفضل منك؛ لأنه قد كان لك ألا تقبلهم؛ وألا تغفر لهم بعد عظيم فريتهم؛ وأنت في مغفرتك لهم عزيز؛ لا يمتنع عليك ما تريد؛ حكيم في ذلك " ؛ وقال بعض الناس : جائز أن يكون الله لم يعلم عيسى أنه لا يغفر الشرك؛ وهذا قول لا يعرج عليه؛ لأن قوله (تعالى) : إن الله لا يغفر أن يشرك به ؛ لا يخص شيئا من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - دون غيرها؛ لأن هذا خبر؛ والخبر لا ينسخ؛ وهذا القول دار في المناظرة؛ وليس شيئا يعتقده أحد يوثق بعلمه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية