الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والمسكين من قدر على مال ، أو كسب ) حلال لائق به ( يقع موقعا من كفايته ) وكفاية ممونه من مطعم وغيره مما مر . ( ولا يكفيه ) كمن يحتاج عشرة فيجد ثمانية ، أو سبعة ، وإن ملك نصابا ، أو نصبا ومن ثم قال في : الإحياء قد يملك ألفا ، وهو فقير ، وقد لا يملك إلا فأسا وحبلا ، وهو غني ولا يمنع المسكنة المسكن ، وما معه مما مر مبسوطا ، والمعتمد أن المراد بالكفاية هنا ، وفيما مر كفاية العمر الغالب لا سنة فحسب نظير ما يأتي في الإعطاء خلافا لمن فرق ، ولا يقال : يلزم على ذلك أخذ أكثر الأغنياء ، بل الملوك من الزكاة ؛ لأن من معه مال يكفيه ربحه ، أو عقار يكفيه دخله غني ، والأغنياء غالبهم كذلك فضلا عن الملوك فلا يلزم ما ذكره .

                                                                                                                              ( تنبيه ) علم مما تقرر أن الفقير أسوأ حالا من المسكين وعكس أبو حنيفة ورد بأنه صلى الله عليه وسلم استعاذ من الفقر وسأل المسكنة بقوله : " اللهم أحيني مسكينا الحديث " ولا رد فيه ؛ لأن الفقر المستعاذ منه فقر القلب ، والمسكنة والمسئولة سكونه وتواضعه وطمأنينته على أن حديثها ضعيف ، ومعارض بما روي أنه صلى الله عليه وسلم استعاذ منها ، لكن أجيب بأنه إنما استعاذ من فتنتها كما استعاذ من فتنتي الفقر والغنى دون وصفيهما ؛ لأنهما تعاوراه فكان خاتمة أمره غنيا بما أفاء الله عليه وإنما الذي يرد عليه ما نقله في المجموع عن خلائق من أهل اللغة مثل ما قلناه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : مثل ما قلناه ) أي : من أن الفقير أسوأ حالا من المسكين



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : حلال ) إلى قوله ورد في النهاية وكذا في المغني إلا قوله : ولا يقال إلخ ( قوله : أو كسب حلال ) أي : وليس فيه شبهة قوية أخذا مما مر في الفقير . ا هـ ع ش . ( قوله : فيجد ثمانية إلخ ) عبارة المغني ولا يجد إلا سبعة ، أو ثمانية . ا هـ . ( قوله : أو سبعة ) أي : بل أو خمسة ، أو ستة لما تقدم من أن من يملك أربعة فقير على الأوجه . ا هـ ع ش . ( قوله : كفاية العمر الغالب ) أي : بالنسبة للآخذ نفسه .

                                                                                                                              أما ممونه فلا حاجة إلى تقدير ذلك فيه بل يلاحظ فيه كفاية ما يحتاجه الآن من زوجة وعبد ودابة مثلا بتقدير بقائها ، أو بدلها لو عدمت بقية عمره الغالب . ا هـ ع ش . ( قوله : لأن من معه مال إلخ ) هذا هو الجواب وحاصله أنه ليس المراد من كون المال يكفيه العمر الغالب أنه يكفيه عينه يصرفها كما بنى عليه المعترض اعتراضه بل المراد أنه يكفيه ربحه . ا هـ رشيدي . ( قوله : مما تقرر ) أي : من تعريفي الفقير والمسكين . ( قوله : إن الفقير أسوأ حالا من المسكين ) واحتجوا له بقوله تعالى : { أما السفينة فكانت لمساكين } حيث سمى مالكيها مساكين فدل على أن المسكين من يملك ما مر نهاية ومغني . ( قوله : لأنهما ) أي : الفقر والغنى تعاوراه أي : تعاقبا عليه صلى الله عليه وسلم وكان خاتمة أمره أي : صلى الله عليه وسلم . ا هـ كردي . ( قوله : وإنما الذي يرد عليه ) أي : على أبي حنيفة . ا هـ كردي . ( قوله : [ ص: 155 ] مثل ما قلناه ) أي : من أن الفقير أسوأ حالا من المسكين . ا هـ سم زاد الكردي ، ووجه الرد عليه أنه لما كان قوله مخالفا لكثير من أهل اللغة كان مردودا . ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية