الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3806 حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا محمد بن حرب حدثني أبو سلمة سليمان بن سليم عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام بن معدي كرب عن خالد بن الوليد قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فأتت اليهود فشكوا أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها وحرام عليكم حمر الأهلية وخيلها وبغالها وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير [ ص: 221 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 221 ] ( أن الناس ) أي : المسلمين ( قد أسرعوا إلى حظائرهم ) جمع حظيرة بفتح الحاء المهملة وكسر الظاء المعجمة وهي الموضع الذي يحاط عليه لتأوي إليه الغنم والبقر يقيه البرد والريح كذا في النهاية .

                                                                      وقال في فتح الودود : المراد به أرادوا أخذ غنائمنا وإبلنا فنهى عنه - صلى الله عليه وسلم - وضبطها القاري في المرقاة بالخاء والضاد المعجمتين وقال : هي النخلة التي ينتشر بسرها وهي أخضر أي : أسرعوا إلى أخذ ثمار نخيل اليهود الذين دخلوا في العهد انتهى ( ألا ) للتنبيه ( لا تحل أموال المعاهدين ) بكسر الهاء وقيل : بفتحها أي : أهل العهد والذمة ( إلا بحقها ) أي : إلا بحق تلك الأموال فإن حق مال المعاهد إن كان ذميا فالجزية وإن كان مستأمنا وماله للتجارة فالعشر ( وحرام عليكم حمر الأهلية وخيلها وبغالها ) فيه دليل لمن قال بتحريم الخيل . ولكن الحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به وقد سبق الكلام على إباحة الخيل والجواب عن تمسكات من حرمها .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي وابن ماجه . وقال أبو داود : هذا منسوخ وقال الإمام أحمد : هذا حديث منكر . وقال النسائي : الذي قبله يعني حديث جابر أصح من هذا ويشبه إن كان هذا صحيحا أن يكون منسوخا لأن قوله أذن في لحوم الخيل دليل على ذلك . وقال النسائي أيضا : لا أعلمه رواه غير بقية . وقال البخاري : صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب الكندي الشامي عن أبيه فيه نظر . وذكر الخطابي أن حديث جابر إسناده جيد .

                                                                      قال : وأما حديث خالد بن الوليد ففي إسناده نظر ، وصالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جده لا يعرف سماع بعضهم عن بعضهم . وقال موسى بن هارون الحافظ : لا يعرف صالح [ ص: 222 ] بن يحيى ولا أبوه إلا بجده . وقال الدارقطني : هذا حديث ضعيف . وقال الدارقطني أيضا : هذا إسناد مضطرب . وقال الواقدي : لا يصح هذا لأن خالدا أسلم بعد فتح مكة . وقال البخاري : خالد لم يشهد خيبر ، وكذلك قال الإمام أحمد بن حنبل : لم يشهد خيبر إنما أسلم بعد الفتح . وقال أبو عمر النمري : ولا يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الفتح . وقال البيهقي : إسناده مضطرب ومع اضطرابه مخالف لحديث الثقات . هذا آخر كلامه وحديث جابر الذي أشار إليه النسائي والخطابي ، أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ولفظ مسلم : " وأذن في لحوم الخيل ، ولفظ البخاري : " رخص في لحوم الخيل " وقد تقدم ذكره .




                                                                      الخدمات العلمية