الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              الفصل الثاني في وصف السبب بالصحة والبطلان والفساد

              وصف السبب بالصحة والبطلان والفساد .

              اعلم أن هذا يطلق في العبادات تارة وفي العقود أخرى ، وإطلاقه في العبادات مختلف فيه ، فالصحيح عند المتكلمين عبارة عما وافق الشرع وجب القضاء أو لم يجب ، وعند الفقهاء عبارة عما أجزأ وأسقط القضاء . حتى إن صلاة من ظن أنه متطهر صحيحة في اصطلاح المتكلمين ; لأنه وافق الأمر المتوجه عليه في الحال ، وأما القضاء فوجوبه بأمر مجدد فلا يشتق منه اسم الصحة .

              وهذه الصلاة فاسدة عند الفقهاء ; لأنها غير مجزئة ، وكذلك من قطع صلاته بإنقاذ [ ص: 76 ] غريق فصلاته صحيحة عند المتكلم فاسدة عند الفقيه وهذه الاصطلاحات وإن اختلفت فلا مشاحة فيها ، إذ المعنى متفق عليه .

              وأما إذا أطلق في العقود فكل سبب منصوب لحكم إذا أفاد حكمه المقصود منه يقال إنه صح ، وإن تخلف عنه مقصوده يقال إنه بطل . فالباطل هو الذي لا يثمر ; لأن السبب مطلوب لثمرته ، والصحيح هو الذي أثمر ، والفاسد مرادف للباطل في اصطلاح أصحاب الشافعي رضي الله عنه .

              فالعقد إما صحيح وإما باطل وكل باطل فاسد وأبو حنيفة أثبت قسما آخر في العقود بين البطلان والصحة وجعل الفاسد عبارة عنه وزعم أن الفاسد منعقد لإفادة الحكم ; لكن المعنى بفساده أنه غير مشروع بوصفه ، والمعنى بانعقاده أنه مشروع بأصله ، كعقد الربا فإنه مشروع من حيث إنه بيع وممنوع من حيث إنه يشتمل على زيادة في العوض ، فاقتضى هذا درجة بين الممنوع بأصله ووصفه جميعا بين المشروع بأصله ووصفه جميعا ، فلو صح له هذا القسم لم يناقش في التعبير عنه بالفاسد ولكنه ينازع فيه إذ كل ممنوع بوصفه فهو ممنوع بأصله كما سبق ذكره .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية