الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو أردف من يستمسك بنفسه وعطبت الدابة يضمن النصف ) ولا اعتبار للثقل ; لأن الآدمي غير موزون ، وهذا ( إن كانت ) الدابة ( تطيق حمل الاثنين وإلا فالكل ) بكل حال ( كما لو حمله ) الراكب ( على عاتقه ) فإنه يضمن الكل ( وإن كانت تطيق حملهما ) لكونه في مكان واحد ( وإن كان ) الرديف [ ص: 37 ] صغيرا لا يستمسك يضمن بقدر ثقله ) كحمله شيئا آخر ولو من ملك صاحبها كولد الناقة لعدم الإذن ، وليس المراد أن الرجل يوزن بل أن يسأل أهل الخبرة كم يزيد ، ولو ركب على موضع الحمل ضمن الكل لما مر ; وكذا لو لبس ثيابا كثيرة ، ولو ما يلبسه الناس ضمن بقدر ما زاد مجتبى .

( وإذا هلكت بعد بلوغ المقصد وجب جميع الأجر ) لركوبه بنفسه ( مع التضمين ) أي لنصف القيمة لركوب غيره ; ثم إن ضمن الراكب لا يرجع ، وإن ضمن الرديف رجع لو مستأجرا من المستأجر وإلا لا ، قيد بكونها عطبت ; لأنها لو سلمت لزم المسمى فقط وبكونه أردفه ، ; لأنه لو أقعده في السرج صار غاصبا فلا أجر عليه بحر عن الغاية ، لكن في السراج عن المشكل ما يخالفه ، فليتأمل عند الفتوى .

وكيف في الأشباه وغيرها أن الأجر والضمان لا يجتمعان .

التالي السابق


( قوله ولو أردف ) الرديف : من تحمله خلفك على ظهر الدابة ، واحترز به عما لو أقعده في السرج ويأتي الكلام فيه . ( قوله يضمن النصف ) أي سواء كان أخف أو أثقل إتقاني ; لأن ركوب أحدهما مأذون فيه دون الآخر وعليه الأجرة ; لأنه استوفى المعقود عليه وزيادة ، غير أن الزيادة استوفيت من غير عقد فلا يجب لها الأجر بدائع . ( قوله ولا اعتبار للثقل ) أي فلا يضمن بقدر ما زاد وزنا ، فصار كحائط بين شريكين أثلاثا أشهد على أحدهما فوقعت منه آجرة على رجل فعلى المشهد عليه نصف الدية وإن كان نصيبه من الحائط أقل من النصف ; لأن التلف ما حصل بالثقل بل بالجرح والجراحة اليسيرة كالكثيرة في الضمان ، كمن جرح إنسانا جراحة وجرحه آخر جراحتين فمات ضمنا نصفين بدائع . ( قوله بكل حال ) أي وإن كان لا يستمسك ط . ( قوله لكونه في مكان واحد ) [ ص: 37 ] فيكون أشق على الدابة زيلعي . ( قوله صغيرا لا يستمسك ) محترز قوله من يستمسك ، وانظر هل الكبير الذي لا يستمسك كالصغير . ( قوله بقدر ثقله ) ذكره الزيلعي والأتقاني ، وهو مخالف للتعليل السابق تأمل ، والعلة أنه لعدم استمساكه اعتبر كالحمل إتقاني ، وعليه فالكبير العاجز مثله فليراجع . ( قوله كحمله شيئا آخر ) أي فإنه يضمن بقدر الزيادة إذا لم يركب على موضع الحمل . ( قوله وليس المراد إلخ ) جواب عما يقال : قدر الزيادة المحمولة لا تعرف إلا بعد وزنها ووزن الرجل ، فيخالف ما مر من أن الآدمي غير موزون . ( قوله لما مر ) أي من كونهما في مكان واحد . ( قوله وكذا لو لبس ثيابا كثيرة ) أي يضمن الكل لو لبس أكثر مما كان عليه وقت الاستئجار وكان مما لا يلبسه عادة كذا يفهم من المجتبى . ( قوله لركوبه بنفسه ) أشار به مع ما بعده إلى ما قاله في البحر .

لا يقال : كيف اجتمع الأجر والضمان .

; لأنا نقول : إن الضمان لركوب غيره والأجر لركوبه بنفسه وسيأتي إيضاحه ( قوله لركوب غيره ) أي لو ممن يستمسك وإلا فقد تقدم التصريح بأنه يضمن بقدر ثقله لا النصف فافهم . ( قوله إن ضمن الراكب ) أراد بالراكب المستأجر . ( قوله لا يرجع ) أي على الرديف ; لأنه ملكها بالضمان فصار الرديف راكبا دابته بإذنه فلا رجوع عليه سواء كان الرديف مستأجرا منه أو مستعيرا رحمتي ( قوله رجع ) أي على الراكب ; لأنه غره في ضمن عقد المعارضة ، بخلاف ما لو كان مستعيرا فلا رجوع له ; لأنه لم يضمن له السلامة حيث لم يكن بينهما عقد رحمتي . ( قوله وإلا لا ) أي وإلا يكن الرديف مستأجرا من المردف بل كان مستعيرا ( قوله ; لأنها لو سلمت ) أي في جميع الصور ط . ( قوله عن الغاية ) أي غاية البيان .

ونصها : هذا إذا أردفه حتى صار الأجنبي كالتابع له ، فأما إذا أقعده في السرج صار غاصبا ولم يجب عليه شيء من الأجر ; لأنه رفع يده عن الدابة وأوقعها في يد متعدية فصار ضامنا والأجر لا يجامع الضمان ا هـ ، وعزاه إلى شرح الكافي للإسبيجابي . ( قوله لكن في السراج إلخ ) فإنه قال : قوله تأردف رجلا معه خرج مخرج العادة ، ; لأن العادة أن المستأجر يكون أصلا ولا يكون رديفا ، إذ المستأجر لو جعل نفسه رديفا وغيره أصلا فحكمه كذلك ا هـ ، أي فيجب عليه أيضا النصف لو تطيق مع لزوم الأجر كما مر عن البدائع ، ولو لا تطيق فالكل ، وحيث جعله في الغاية مقابلا للأول وصرح بأنه لم يجب عليه شيء من الأجر فهو صريح في المخالفة خلافا لمن وهم . ( قوله فليتأمل عند الفتوى ) إشارة إلى إشكاله ، فلا ينبغي الإقدام على الإفتاء به قبل ظهور وجهه . ( قوله كيف وفي الأشباه إلخ ) استبعاد لما في السراج وبيان لوجه التوقف عند الفتوى فإنه مخالف للقاعدة المذكورة . ( قوله لا يجتمعان ) أي وهنا لما صار غاصبا وضمن ملكه مستندا فإذا ألزمناه الأجر بارتزاقه لزم اجتماعهما لوجوب الأجر فيما ملكه .

والفرق بينه وبين ما لو أردف غيره أنه هنا لما أخرجها من يده صار غاصبا ، كما لو استأجرها ليركب بنفسه فأركب غيره [ ص: 38 ] يجب كل القيمة كما مر ، فإذا ارتدف خلفه صار تابعا ولا يمكن وجوب الأجر بارتدافه لما قلنا .

أما لو ركب في السرج فقد أتى بما هو مأذون فيه ، فإذا أردف غيره فقد خالف فيما شغله بغيره ، ولا يملك شيئا بالضمان فيما شغله بركوب نفسه وجميع المسمى بمقابلة ذلك ، وإنما يضمن ما شغله بركوب الغير ولا أجر بمقابلة ذلك ليسقط عنه ، وإذا راجعت النهاية اتضح لك ما قررناه فافهم




الخدمات العلمية