الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) يسن ( لكل ) من مؤذن وسامع ومستمع وكذا مقيم لحديث ورد فيه رواه ابن السني وذكره المصنف في أذكاره ( أن يصلي ) ويسلم ( على النبي صلى الله عليه وسلم ) لما مر من كراهة إفراد أحدهما عن الآخر [ ص: 423 ] ( بعد فراغه ) أي من ذلك ( ثم ) يقول عقب ذلك ( اللهم ) أصله يا الله حذفت ياؤه وعوضت عنها الميم ولهذا امتنع الجمع بينهما ( رب هذه الدعوة ) بفتح الدال : هي دعوة الأذان ( التامة ) سميت تامة لكمالها وسلامتها من نقص يتطرق إليها ( والصلاة القائمة ) أي التي ستقام ( آت ) أعط ( محمدا الوسيلة ) منزلة في الجنة ( والفضيلة ) عطف بيان أو أعم ، وحذف من أصله وغيره والدرجة الرفيعة ، وختمه بيا أرحم الراحمين لأنه لا أصل لهما ، ويقال أن الوسيلة والفضيلة قبتان في أعلى عليين إحداهما من لؤلؤة بيضاء يسكنها محمد وآله والأخرى من ياقوتة صفراء يسكنها إبراهيم وآله عليهم السلام ( وابعثه مقاما محمودا ) هو مقام الشفاعة في فصل القضاء يوم القيامة ( الذي وعدته ) الذي منصوب بدل مما قبله أو بتقدير أعني ، أو مرفوع خبر مبتدإ محذوف .

                                                                                                                            والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في خبر مسلم { إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله تعالى وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة } والحكمة في سؤال ذلك له وإن كان واجب الوقوع بوعد الله تعالى إظهار شرفه [ ص: 424 ] وعظم منزلته

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ) وتحصل السنة بأي لفظ أتى به مما يفيد الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، ومعلوم أن أفضل الصيغ على الراجح صلاة التشهد فينبغي تقديمها على غيرها ، ومن الغير ما يقع للمؤذنين من قولهم بعد الأذان : الصلاة والسلام عليك يا رسول الله إلى آخر ما يأتون به فيكفي .

                                                                                                                            [ فائدة ] قال الحافظ ابن حجر : ويتأكد الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في مواضع ورد فيها أخبار خاصة أكثرها بأسانيد جياد عقب إجابة المؤذن وأول الدعاء وأوسطه وآخره ، وفي أوله آكد وفي آخر القنوت وفي أثناء تكبيرات العيد وعند دخول المسجد والخروج منه عند الاجتماع والتفرق وعند السفر والقدوم منه والقيام لصلاة الليل وختم القرآن وعند الهم والكرب والتوبة وقراءة الحديث وتبليغ العلم والذكر ونسيان الشيء .

                                                                                                                            وورد أيضا في أحاديث ضعيفة عند استلام الحجر وطنين الأذن والتلبية وعقب الوضوء وعند الذبح والعطاس .

                                                                                                                            وورد المنع [ ص: 423 ] منها عندهما أيضا انتهى مناوي عند قوله صلى الله عليه وسلم { صلوا علي فإن صلاتكم علي زكاة لكم } وقال بعد ذلك بحديثين في شرح قوله { صلوا على أنبياء الله ورسله فإن الله بعثهم كما بعثني } إلخ ، وحكمة مشروعية الصلاة عليهم أنهم لما بذلوا أعراضهم فيه لأعدائه فنالوا منهم وسبوهم أعطاهم الله الصلاة عليهم ، وجعل لهم أطيب الثناء في السماء والأرض وأخلصهم بخالصة ذكرى الدار ، فالصلاة عليهم مندوبة لا واجبة ، بخلاف الصلاة على نبينا إذ لم ينقل أن الأمم السابقة كان يجب عليهم الصلاة على أنبيائهم كذا بحثه القسطلاني انتهى .

                                                                                                                            ونقل بالدرس عن الشيخ حمدان نقلا عن الشيرازي أنه تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإقامة ، وانظر هل يقال مثله في الأذان أم لا ؟ ثم رأيت بهامش نسخة صحيحة من شرح المنهج بخط بعض الفضلاء ما نصه : قوله بعد فراغ من الأذان والإقامة هذا هو المنقول لكن في شرح الوسيط وتبعه بعضهم أن الصلاة المطلوبة للإقامة إنما تكون قبلها .

                                                                                                                            قال السيد السمهودي في حواشي الروضة : ولعله سبق قلم ، فإن المعروف والوارد في أحاديث يعمل بها في الفضائل أنه بعدها ، وقد أفتى شيخنا الشوبري بندبها قبل الإقامة ، فإن كان مستنده ما تعقبه السمهودي فقد علمت ما فيه ، وإلا فكان عليه أن ينبه على المشهور من طلبها بعد الإقامة انتهى بحروفه ( قوله : بعد فراغه ) ولو كان اشتغاله بالإجابة يفوت تكبيرة الإحرام مع الإمام أو بعض الفاتحة بل أو كلها فقياس ما تقدم للشارح في باب التيمم من أنه يقدم سنن الوضوء على ذلك أنه يقدم الإجابة على أنه قيل بوجوبها ( قوله أي من ذلك ) أي المذكور من بالأذان والإقامة ( قوله : ثم اللهم ) وظاهر أن كلا من الإجابة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء سنة مستقلة ، فلو ترك بعضها سن له أن يأتي بالباقي ( قوله عطف بيان ) لعل المراد بالبيان هنا التفسير وإلا فالبيان لا يقترن بالواو ( قوله : يسكنها إبراهيم وآله ) ولا ينافي هذا سؤاله صلى الله عليه وسلم لهما على هذا الجواز أن يكون السؤال لتنجيز ما وعد به من أنهما له ، ويكون سكنى إبراهيم وآله فيها من قبله صلى الله عليه وسلم إظهارا لشرفه على غيره ( قوله : مقاما محمودا ) وفي رواية صحيحة أيضا المقام المحمود ا هـ حج ( قوله : إظهار شرفه ) ومن لازم طلب ذلك [ ص: 424 ] له امتثالا حصول الثواب للداعي ( قوله : وعظم منزلته ) عطف تفسير



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 423 ] ( قوله : أي من ذلك ) أي : الأذان ، والإجابة ، والإقامة ( قوله : عطف بيان ) يعني عطف تفسير ، وليس المراد عطف البيان الاصطلاحي إذ هو لا يقترن بالواو ( قوله : يسكنها إبراهيم وآله ) يقال : عليه وحينئذ فما معنى سؤالها لسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي حاشية الشيخ في الجواب عنه ما لا يشفي .




                                                                                                                            الخدمات العلمية