الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويطالب عامل ومكاتب وغارم ) ولو لإصلاح ذات البين ( ببينة ) لسهولتها بما ادعوه ، واستشكل تصوير دعوى العامل بأن الإمام يعلم إذ هو الذي يبعثه ، ويجاب بتصوير ذلك بما إذا طلب من الإمام حصته من زكاة وصلت إليه من نائبه بمحل كذا لكون ذلك النائب استعمله عليها حتى أوصلها إليه ، أو قال له الإمام : أنسيت أنك العامل ، أو مات مستعمله فطلب ممن تولى محله حصته ، وصوره السبكي بأن يأتي لرب المال ، ويطالبه ويجهل ويرد بأنه إن فرق فلا عامل ، وإن فرق الإمام فلا وجه لمطالبته المالك ، ويحتمل أن يريد أن المطالب قال للمالك : أنا عامل الإمام فادفع لي زكاتك ، ويرد بأن الكلام ليس في هذا ، بل في طلب العامل لحصته المقابلة لعمله ، وأن يريد أن الإمام ترك بعض الزكاة عند المالك ، وأمره بأن يعطي من أرسله إليه فجاءه من يدعي أنه عامل الإمام ، وأنه أرسله إليه فيكلفه البينة حينئذ ، وابن الرفعة بما إذا استأجره الإمام من خمس الخمس فادعى أنه قبض الصدقات ، وتلفت في يده من غير تفريط وطالب بالأجرة ، ويرد بأن فيه خروجا عما نحن فيه ؛ لأنه إنما يدعي بأجرة من خمس الخمس لا من الزكاة والأذرعي بما إذا فوض إليه التفرقة أيضا ، ثم جاء وادعى القبض والتفرقة ، وطلب أجرته من المصالح ويرد بنظير ما قبله ( وهي ) أي : البينة فيما ذكر ( إخبار عدلين ) ، أو عدل وامرأتين ولو بغير لفظ شهادة واستشهاد ودعوى عند قاض [ ص: 164 ] .

                                                                                                                              ( ويغني عنها ) في سائر الصور التي يحتاج للبينة فيها ( الاستفاضة ) بين الناس من قوم يبعد تواطؤهم على الكذب ، وقد يحصل ذلك بثلاثة كما قاله الرافعي كغيره ، واستغراب ابن الرفعة له يجاب عنه بأن القصد هنا الظن المجوز للإعطاء ، وهو حاصل بذلك وبه يفرق بين هذا ، وما يأتي في الشهادة ، ومما يصرح بذلك قولهم : ( وكذا تصديق رب الدين والسيد في الأصح ) بلا بينة ولا يمين ولا نظر لاحتمال التواطؤ ؛ لأنه خلاف الغالب ، ويؤخذ من اكتفائهم بإخبار الغريم هنا وحده مع تهمته الاكتفاء بإخبار ثقة ولو عدل رواية ظن صدقه ، بل القياس الاكتفاء بمن وقع في القلب صدقه ولو فاسقا ، ثم رأيت في كلام الشيخين ما يؤيد ذلك . نعم بحث الزركشي في الغريم والسيد أن محل الخلاف إذا وثق بقولهما ، وغلب على الظن الصدق قال : وإلا لم يفد قطعا . ا هـ

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أي : البينة ) قال الماوردي : ولا يشترط كونها من أهل الخبرة الباطنة ، ومحله إن شهدت بنحو هلاك ماله أما إذا شهدت بإعساره ، فلا بد من خبرتها بباطنه كما جزم به القمولي شرح العباب . ( قوله : في المتن إخبار عدلين ) [ ص: 164 ] وذكر الثلاثة في خبر مسلم للاستظهار لا للاشتراط ذكره في المجموع . ( قوله : في المتن ، ويغني عنها الاستفاضة ) قال في شرح الروض لحصول العلم ، أو غلبة الظن قال في الأصل : ويشهد لما ذكرناه من اعتبار غلبة الظن ما قاله بعض الأصحاب من أنه لو أخبر عن الحال واحد يعتمد قوله : كفى وما قاله الإمام من أنه رأى للأصحاب رمزا إلى تردد في أنه لو حصل الوثوق بقول من يدعي الغرم ، وغلب على الظن صدقه هل يجوز اعتماده ا هـ ، والأقرب الجواز ، ويكون داخلا في قوله : أولا له إعطاء من علم استحقاقه ؛ لأن المراد بالعلم فيما يظهر ما يشمل الظن . ا هـ . ما في شرح الروض ، وعلى هذا فالفرق بين هذا ، ومن ادعى فقرا ، أو مسكنة أن ذاك يعطى مع الشك بخلاف هذا قال م ر في شرح العباب : وما قاله الإمام من أنه رأى للأصحاب رمزا إلى تردد في أنه لو حصل الوثوق بقول من يدعي الغرم ، وغلب على الظن صدقه هل يجوز اعتماده . ا هـ ، فقضية ما صدرا به كلامهما أن الراجح في شرح الروض من التردد الجواز ، وأن المراد بالعلم عليه غلبة الظن ، ومن ثم قال بعض مختصري الروضة : ويقوم مقام العدلين الاستفاضة ، أو غلبة الظن فعلم الاكتفاء في سائر ما مر هنا بالاستفاضة ، وهو اشتهار الحال بين الناس ، وقول ابن الرفعة لا يكفي في الدين قطعا مردود ، وأنه لا يشترط بلوغها لحد التواتر خلافا للشيخ أبي علي ، ولا في الواحد الحرية ، والذكورة ، بل ولا العدالة حيث غلب على الظن صدقه ، ولا فرق في جميع ذلك على الأوجه بين من يفرق ماله ، ومال غيره بولاية ، أو وكالة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويؤخذ من اكتفائهم إلخ ) كذا شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              . ( قوله : ولو لإصلاح ) إلى المتن في النهاية إلا قوله ويحتمل إلى وابن الرفعة ( قوله : ولو لإصلاح ذات البين ) عبارة المغني واستثنى ابن الرفعة تبعا لجماعة من الغرم ما إذا غرم لإصلاح ذات البين لشهرة أمره وقال صاحب البيان : إنه لا بد من البينة ، وهو قضية كلام الإحياء قال الأذرعي : ولعل هذا فيمن لم يستفض غرمه لذلك ويرجع الكلام إلى أنه إن اشتهر لم يحتج إلى البينة وإلا احتاج كالغارم لمصلحته وهذا جمع بين الكلامين ، وهو حسن . ا هـ . ( قول المتن : ببينة ) أي : بالعمل والكتابة والغرم ولا بد أيضا أن يقيم المكاتب بينة بما بقي من النجوم كما قاله الماوردي . ا هـ . مغني ( قوله : دعوى العامل ) عبارة المغني مطالبة العامل بالبينة . ا هـ . ( قوله : بأن إلخ ) متعلق باستشكل ( قوله : يعلم ) فلا تتأتى مطالبة البينة فيه . ا هـ . مغني ( قوله : استعمله ) أي : العامل ، وقوله : حتى أوصلها إليه أي : إلى الإمام . ا هـ . رشيدي ( قوله : أو قال إلخ ) وقوله : أو مات إلخ عطف على قوله طلب إلخ ( قوله : أن يريد ) أي : السبكي ( قوله : وأن يريد إلخ ) عطف على قوله : أن يريد إلخ ويرد هذا بنظير ما قبله ( قوله : وابن الرفعة إلخ ) كقوله الآتي والأذرعي عطف على السبكي .

                                                                                                                              ( قوله أي : البينة ) إلى قوله وبه يفرق في المغني إلا قوله ، وقد يحصل إلى واستقرار وإلى قول المتن ويعطى في النهاية ( قوله : فيما ذكر ) أي : هنا وفيما مر [ ص: 164 ] ا هـ . مغني ( قوله : في سائر الصور ) أي : من الأصناف فلا يختص بالعامل والمكاتب والغارم كما يوهمه السياق ( قوله : وقد يحصل ذلك إلخ ) أي : الاستفاضة . ا هـ . ع ش ( قوله : واستغراب ابن الرفعة له ) أي : حصول الاستفاضة هنا بثلاثة ( قوله : وبه يفرق ) أي : بأن القصد هنا الظن ( قوله : بذلك ) أي : القصد المذكور ( قوله بلا بينة إلخ ) الأولى كما في المغني يغني عن البينة .

                                                                                                                              ( قوله : مع تهمته ) أي : بالتواطؤ ( قوله : الاكتفاء بإخبار ثقة إلخ ) ولا فرق في جميع ذلك على الأوجه بين من يفرق ماله ومال غيره بولاية ، أو وكالة . ا هـ . شرح الروض . ا هـ . سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية