الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1520 189 - حدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بن ربيعة، عن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن الذي ثبت عنده على شرطه هذا الحديث، وإلا ففيه وردت أحاديث كثيرة صحيحة وضعيفة على ما سنذكر شيئا من ذلك.

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله: وهم ستة:

                                                                                                                                                                                  الأول: محمد بن كثير -ضد القليل- أبو عبد الله العبدري، مر في كتاب العلم.

                                                                                                                                                                                  الثاني: سفيان الثوري.

                                                                                                                                                                                  الثالث: سليمان الأعمش.

                                                                                                                                                                                  الرابع: إبراهيم بن يزيد النخعي.

                                                                                                                                                                                  الخامس: عابس -بالعين المهملة وبعد الألف باء موحدة وفي آخره سين مهملة - ابن ربيعة -بفتح الراء- النخعي.

                                                                                                                                                                                  السادس: عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  ذكر لطائف إسناده:

                                                                                                                                                                                  فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع، والإخبار كذلك في موضع.

                                                                                                                                                                                  وفيه: العنعنة في أربعة مواضع.

                                                                                                                                                                                  وفيه: أن شيخه بصري والبقية كلهم كوفيون.

                                                                                                                                                                                  قوله: (عن إبراهيم) هو النخعي، وفي رواية مسلم عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة، عن عمر رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  [ ص: 240 ] ذكر من أخرجه غيره:

                                                                                                                                                                                  أخرجه مسلم في الحج عن يحيى بن يحيى، وأبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وزهير بن حرب، أربعتهم عن أبي معاوية، عن الأعمش به.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه أبو داود فيه عن محمد بن كثير به.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه الترمذي فيه عن هناد عن أبي معاوية به.

                                                                                                                                                                                  وقال حسن: صحيح.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه النسائي فيه عن إسحاق بن إبراهيم.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه):

                                                                                                                                                                                  قوله: (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع) تكلم الشارحون في مراد عمر رضي الله تعالى عنه بهذا الكلام فقال: محمد بن جرير الطبري: إنما قال ذلك لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام، فخشي عمر رضي الله عنه أن يظن الجهال بأن استلام الحجر هو مثل ما كانت العرب تفعله، فأراد عمر رضي الله عنه أن يعلم أن استلامه لا يقصد به إلا تعظيم الله عز وجل والوقوف عند أمر نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك من شعائر الحج التي أمر الله بتعظيمها، وأن استلامه مخالف لفعل الجاهلية في عبادتهم الأصنام؛ لأنهم كانوا يعتقدون أنها تقربهم إلى الله زلفى، فنبه عمر على مخالفة هذا الاعتقاد، وأنه لا ينبغي أن يعبد إلا من يملك الضرر والنفع وهو الله جل جلاله.

                                                                                                                                                                                  وقال المحب الطبري: إن قول عمر لذلك طلب منه للآثار، وبحث عنها وعن معانيها، قال: ولما رأى أن الحجر يستلم ولا يعلم له سبب يظهر للحس ولا من جهة العقل ترك فيه الرأي والقياس وصار إلى محض الاتباع كما صنع في الرمل.

                                                                                                                                                                                  وقال الخطابي: في حديث عمر من الفقه أن متابعة النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم واجبة، وإن لم يوقف فيها على علل معلومة وأسباب معقولة، وأن أعيانها حجة على من بلغته وإن لم يفقه معانيها.

                                                                                                                                                                                  ومن المعلوم أن تقبيل الحجر إكرام وإعظام لحقه، قال: وفضل الله بعض الأحجار على بعض كما فضل بعض البقاع على بعض، وبعض الليالي والأيام على بعض.

                                                                                                                                                                                  وقال النووي: الحكمة في كون الركن الذي فيه الحجر الأسود يجمع فيه بين التقبيل والاستلام كونه على قواعد إبراهيم، وفيه الحجر الأسود، وأن الركن اليماني اقتصر فيه على الاستلام؛ لكونه على قواعد إبراهيم ولم يقبل، وإن الركنين الغربيين لا يقبلان ولا يستلمان لفقد الأمرين المذكورين فيهما.

                                                                                                                                                                                  قوله: (لا تضر ولا تنفع) يعني إلا بإذن الله، وروى الحاكم من حديث أبي سعيد : حججنا مع عمر رضي الله تعالى عنه فلما دخل الطواف استقبل الحجر فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك، ثم قبله، فقال علي رضي الله تعالى عنه: إنه يضر وينفع، قال: بم؟ قال: بكتاب الله تعالى، قال عز وجل: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى وذلك أن الله لما خلق آدم مسح يده على ظهره فقررهم بأنه الرب، وأنهم العبيد، وأخذ عهودهم ومواثيقهم وكتب ذلك في رق، وكان لهذا الحجر عينان ولسان، فقال: افتح، ففتح فاه، فألقمه ذلك الرق فقال: اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة، وإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان دلق يشهد لمن يستلمه بالتوحيد" فهو يا أمير المؤمنين يضر وينفع، فقال عمر رضي الله عنه: أعوذ بالله من قوم لست فيهم يا أبا الحسن .

                                                                                                                                                                                  وفي سنده أبو هارون عمارة بن جوين ضعيف، ورواه الأزرقي أيضا في تاريخ مكة وفي لفظه: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم.

                                                                                                                                                                                  ومن الحكمة في تقبيل الحجر الأسود غير ما ذكر عن علي رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه من أحجار الجنة على ما يأتي، فإذا كان كذلك فالتقبيل ارتياح إلى الجنة وآثارها.

                                                                                                                                                                                  ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه يمين الله في الأرض، رواه أبو عبيد في غريب الحديث.

                                                                                                                                                                                  وفي فضائل مكة للجندي من حديث ابن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر، عن ابن عباس: إن هذا الركن الأسود هو يمين الله في الأرض يصافح به عباده مصافحة الرجل أخاه.

                                                                                                                                                                                  ومن حديث الحكم بن أبان عن عكرمة عنه زيادة: "فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استلم الحجر فقد بايع الله ورسوله" وفي سنن ابن ماجه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فاوض الحجر الأسود فكأنما يفاوض يد الرحمن".

                                                                                                                                                                                  وقال المحب الطبري: والمعنى في كونه يمين الله، -والله أعلم- أن كل ملك إذا قدم عليه قبلت يمينه، ولما كان الحاج والمعتمر أول ما يقدمان يسن لهما تقبيله فنزل منزلة يمين الملك ويده، ولله المثل الأعلى، ولذلك من صافحه كان له عند الله عهد كما أن الملك يعطي العهد بالمصافحة.

                                                                                                                                                                                  ذكر ما يستفاد منه:

                                                                                                                                                                                  فيه أن تقبيل الحجر الأسود سنة.

                                                                                                                                                                                  وقال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم يستحبون [ ص: 241 ] تقبيل الحجر، فإن لم يمكنه ولم يصل إليه استلم بيده وقبل يده، وإن كان لم يصل إليه استقبله إذا حاذى به وكبر، وهو قول الشافعي. انتهى.

                                                                                                                                                                                  وخالف مالك في تقبيل اليد فقال: يستلمه ولا يقبل يده، وهو أحد القولين عنه، والجمهور على أنه يستلمه ثم يقبل يده، وهو قول ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وجابر وعطاء بن أبي رباح وابن أبي مليكة وعكرمة بن خالد وسعيد بن جبير ومجاهد وعمرو بن دينار، وهو قول أبي حنيفة والأوزاعي والشافعي وأحمد، وروى الحاكم من حديث جابر: "بدأ بالحجر الأسود فاستلمه وفاضت عيناه بالبكاء وقبله ووضع يده عليه ومسح بهما وجهه" وروى النسائي من حديث ابن عباس عنه أنه قبله ثلاثا، وعند الحاكم : وسجد عليه ، وصحح إسناده.

                                                                                                                                                                                  وفيه: كراهة تقبيل ما لم يرد الشرع بتقبيله من الأحجار وغيرها.

                                                                                                                                                                                  وقال شيخنا زين الدين: وأما قول الشافعي: "ومهما قبل من البيت فحسن" فإنه لم يرد بالحسن مشروعية ذلك، بل أراد إباحة ذلك، والمباح من جملة الحسن كما ذكره الأصوليون.

                                                                                                                                                                                  قلت: فيه نظر لا يخفى.

                                                                                                                                                                                  وقال أيضا: وأما تقبيل الأماكن الشريفة على قصد التبرك وكذلك تقبيل أيدي الصالحين وأرجلهم فهو حسن محمود باعتبار القصد والنية، وقد سأل أبو هريرة الحسن رضي الله تعالى عنه أن يكشف له المكان الذي قبله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سرته فقبله؛ تبركا بآثاره وذريته صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد كان ثابت البناني لا يدع يد أنس رضي الله تعالى عنه حتى يقبلها ويقول: يد مست يد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  وقال أيضا: وأخبرني الحافظ أبو سعيد بن العلائي قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خط ابن ناصر وغيره من الحفاظ أن الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وتقبيل منبره، فقال: لا بأس بذلك، قال: فأريناه للشيخ تقي الدين ابن تيمية فصار يتعجب من ذلك ويقول: عجبت! أحمد عندي جليل يقوله! هذا كلامه؟! أو معنى كلامه، وقال: وأي عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أحمد أنه غسل قميصا للشافعي وشرب الماء الذي غسله به.

                                                                                                                                                                                  وإذا كان هذا تعظيمه لأهل العلم فكيف بمقادير الصحابة، وكيف بآثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟! ولقد أحسن مجنون ليلى حيث يقول:


                                                                                                                                                                                  أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي
                                                                                                                                                                                  ولكن حب من سكن الديارا



                                                                                                                                                                                  وقال المحب الطبري: ويمكن أن يستنبط من تقبيل الحجر واستلام الأركان جواز تقبيل ما في تقبيله تعظيم الله تعالى، فإنه إن لم يرد فيه خبر بالندب لم يرد بالكراهة.

                                                                                                                                                                                  قال: وقد رأيت في بعض تعاليق جدي محمد بن أبي بكر عن الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي الصيف أن بعضهم كان إذا رأى المصاحف قبلها، وإذا رأى أجزاء الحديث قبلها، وإذا رأى قبور الصالحين قبلها، قال: ولا يبعد هذا -والله أعلم - في كل ما فيه تعظيم لله تعالى.

                                                                                                                                                                                  وفيه في قول عمر رضي الله تعالى عنه التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها.

                                                                                                                                                                                  وقال الخطابي: فيه تسليم الحكمة، وترك طلب العلل، وحسن الاتباع فيما لم يكشف لنا عنه من المعنى، وأمور الشريعة على ضربين: ما كشف عن علته وما لم يكشف، وهذا ليس فيه إلا التسليم.

                                                                                                                                                                                  وفيه: قاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة فيه.

                                                                                                                                                                                  وفيه: دفع ما وقع لبعض الجهال من أن في الحجر الأسود خاصية ترجع إلى ذاته.

                                                                                                                                                                                  وفيه: بيان السنن بالقول والفعل.

                                                                                                                                                                                  وفيه: أن للإمام إذا خشي على أحد من فعله فساد اعتقاده أن يبادر إلى بيان الأمر ويوضح ذلك.

                                                                                                                                                                                  فائدة: روى الترمذي من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الحجر الأسود: "وإنه ليبعثه الله تعالى يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق" ورواه ابن ماجه أيضا وابن حبان في صحيحه، وروى الحاكم في المستدرك، والطبراني في المعجم الأوسط، من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: " يؤتى بالركن يوم القيامة أعظم من أبي قبيس له لسان وشفتان يتكلم عمن استلمه بالنية، وهو يمين الله التي يصافح بها خلقه " قال الحاكم : صحيح.

                                                                                                                                                                                  وفيه: جواز كلام الجمادات، ومنه تسبيح الحصى، وكلام الحجر.

                                                                                                                                                                                  ووجود اللسان والعينين للحجر الأسود هل يخلقه الله تعالى فيه يوم القيامة أو هو موجود فيه قبل ذلك، وإنما هو أمر خفي غامض؟ يحتمل الأمرين، وفي حديث علي رضي الله تعالى عنه الموقوف عليه: أن هذا الوصف كان موجودا له من يوم: ألست بربكم

                                                                                                                                                                                  قوله: (يشهد على من استلمه) على هنا بمعنى اللام، وقد ورد في رواية لأحمد والدارمي في مسنديهما: "يشهد لمن استلمه بحق" وكذلك [ ص: 242 ] في صحيح ابن حبان.

                                                                                                                                                                                  وقوله: (بحق) يحتمل أن يتعلق بقوله "يشهد" ويحتمل أن يتعلق بقوله: "استلمه" وروى معمر عن رجل عن المنهال بن عمرو عن مجاهد أنه قال: "يأتي الحجر والمقام يوم القيامة كل واحد منهما مثل أحد، فيناديان بأعلى صوتهما، يشهدان لمن وافاهما بالوفاء".

                                                                                                                                                                                  وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة " قال الحاكم : صحيح الإسناد.

                                                                                                                                                                                  وعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة، طمس الله نورهما، ولولا ذلك لأضاء ما بين المشرق والمغرب " أخرجه الحاكم.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه البيهقي بسند على شرط مسلم، وزاد: " ولولا ما مسهما من خطايا بني آدم ما مسهما من ذي عاهة إلا شفي، وما على الأرض من الجنة غيره " .

                                                                                                                                                                                  وعن ابن عباس رفعه: "لولا ما طبع الله الركن من أنجاس الجاهلية وأرجاسها وأيدي الظلمة والأئمة لاستشفي به من كل عاهة، ولألقاه الله كهيئته يوم خلقه تعالى، وإنما غيره الله تعالى بالسواد؛ لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة، وإنه لياقوتة من ياقوت الجنة بيضاء، وضعه لآدم حيث أنزله في موضع الكعبة، والأرض يومئذ طاهرة لم يعمل فيها شيء من المعاصي، وليس لها أهل ينجسونها، ووضع لها صفا من الملائكة على أطراف الحرم يحرسونه من جان الأرض وسكانها يومئذ الجن، وليس ينبغي لهم أن ينظروا إليه؛ لأنه شيء من الجنة ومن نظر إلى الجنة دخلها، فهم على أطراف الحرم حيث أعلامه اليوم يحدقون به من كل جانب بينه وبين الحرم".

                                                                                                                                                                                  وروى الطبراني عن عائشة: "استمتعوا من هذا الحجر الأسود قبل أن يرفع فإنه خرج من الجنة وإنه لا ينبغي لشيء خرج من الجنة أن لا يرجع إليها قبل يوم القيامة" وفي رواية الجندي عن مجاهد: "الركن من الجنة ولو لم يكن منها لفني" وعند الجندي عن سعيد بن المسيب: "الركن والمقام حجران من حجارة الجنة".

                                                                                                                                                                                  أخرى: كان أبو طاهر القرمطي من الباطنية، وقال بسوء رأيه: هذا الحجر مغنطيس بني آدم، فجاء إلى مكة وقلع الباب وأصعد رجلا من أصحابه ليقطع الميزاب فتردى على رأسه إلى جهنم وبئس المآب، وأخذ أسلاب مكة والحاج وألقى القتلى في بئر زمزم، فهلك تحت الحجر من مكة إلى الكوفة أربعون جملا، فعلقه - لعنة الله عليه - على الأسطوانة السابعة من جامع الكوفة من الجانب الغربي؛ ظنا منه أن الحج ينتقل إلى الكوفة، قال ابن دحية: ثم حمل الحجر إلى هجر سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وبقي عند القرامطة اثنتين وعشرين سنة إلا شهرا ثم رد لخمس خلون من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، وكان يحكم التركي بذل لهم في ردهم خمسين ألف دينار فما فعلوا وقالوا: أخذناه بأمر ولا نرده إلا بأمر.

                                                                                                                                                                                  وقيل: إن القرمطي باع الحجر من الخليفة المقتدر بثلاثين ألف دينار، ثم أرسل الحجر إلى مكة على قعود أعجف، فسمن تحته، وزاد حسنه إلى مكة شرفها الله تعالى.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية