الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              703 [ 362 ] وعن أبي برزة الأسلمي قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المائة .

                                                                                              رواه أحمد (4 \ 419)، ومسلم (461)، والنسائي (1 \ 246)، وابن ماجه (818) .

                                                                                              [ ص: 71 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 71 ] (22 و 23) ومن باب : القراءة في الظهر والعصر

                                                                                              حديث أبي قتادة حجة لمالك على صحة مذهبه في اشتراط قراءة الفاتحة في كل ركعة وعلى قراءة سورتين مع الفاتحة في الركعتين الأوليين ، وأن ما بقي من الصلاة لا يقرأ فيه إلا بالفاتحة خاصة . وقد تمسك الشافعي في أنه يقرأ فيما بقي بسورة مع الفاتحة بحديث أبي سعيد الآتي بعد هذا ، ووجه تمسكه قوله : إنه قرأ في الركعتين الأوليين قدر ثلاثين آية ، وفي الأخريين قدر نصف ذلك ، والفاتحة إنما هي سبع آيات لا خمس عشرة ، فكان يزيد سورة ، وهذا لا حجة فيه ; فإنه تقدير وتخمين من أبي سعيد . ولعله - صلى الله عليه وسلم - كان يمد في قراءة الفاتحة حتى يقدر [ ص: 72 ] بذلك ، وهذا الاحتمال غير مدفوع . وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها ، وهذا يشهد بصحة هذا التأويل ، وحديث أبي قتادة نص ، فهو أولى . وما ورد في كتاب مسلم وغيره من الإطالة فيما استقر فيه التقصير أو من التقصير فيما استقرت فيه الإطالة ، كقراءته في الفجر بالمعوذتين ، كما رواه النسائي ، وكقراءة الأعراف والمرسلات في المغرب - فمتروك . أما التطويل فبإنكاره على معاذ وبأمره الأئمة بالتخفيف ، ولعل ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - حيث لم يكن خلفه من يشق عليه القيام وعلم ذلك ، أو كان منه ذلك متقدما حتى خفف [ ص: 73 ] وأمر الأئمة بالتخفيف ، كما قال جابر بن سمرة : وكان صلاته بعد تخفيفا ، ويحتمل أن يكون فعل ذلك في أوقات ليبين جواز ذلك ، أو يكون ذلك بحسب اختلاف الأوقات من السعة والضيق . وقد استقر عمل أهل المدينة على استحباب إطالة القراءة في الصبح قدرا لا يضر من خلفه بقراءتها بطوال المفصل ، ويليها في ذلك الظهر والجمعة ، وتخفيف القراءة في المغرب ، وتوسيطها في العصر والعشاء . وقد قيل في العصر : إنها تخفف كالمغرب . وتطويله - صلى الله عليه وسلم - في الركعة الأولى إنما كان ليدرك الناس الركعة الأولى ، رواه أبو داود عن أبي قتادة .

                                                                                              وعن ابن أبي أوفى أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يقوم في الركعة الأولى حتى لا يسمع وقع قدم ; يعني : حتى يتكامل الناس ويجتمعوا ، وعلى هذا [ ص: 74 ] يحمل حديث أبي سعيد أنه كان يطول الركعة الأولى من الظهر بحيث يذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو فيها ، وذلك - والله أعلم - لتوالي دخول الناس ، ولا حجة للشافعي في هذا الحديث على تطويل الإمام لأجل الداخل ; لأن ما ذكر ليس تعليلا لتطويل الأولى ، وإنما هي حكمته ، ولا يعلل بالحكمة لخفائها أو لعدم انضباطها . وأيضا فلم يكن يدخل في الصلاة مريدا تقصير تلك الركعة ثم يطولها لأجل الداخل ، وإنما كان يدخل فيها ليفعل الصلاة على هيئتها من تطويل الأولى ، فافترق الأصل والفرع فامتنع الإلحاق .




                                                                                              الخدمات العلمية