الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ذكر الإخبار بأن أبا بكر الصديق ، ثم عمر ، ثم عثمان

                                                                                                                          ثم عليا ، الخلفاء بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                          ورضي الله عنهم ، وقد فعل

                                                                                                                          6657 - أخبرنا أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي ، قال : [ ص: 35 ] حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن سعيد بن جمهان عن سفينة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : الخلافة ثلاثون سنة ، وسائرهم ملوك ، والخلفاء والملوك اثنا عشر .

                                                                                                                          [ ص: 36 ] قال أبو حاتم رضي الله عنه : هذا خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن آخره ينقض أوله ؛ إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبر أن الخلافة ثلاثون سنة ، ثم قال : وسائرهم ملوك ، فجعل من تقلد أمور المسلمين بعد ثلاثين سنة ملوكا كلهم ، ثم قال : والخلفاء والملوك اثنا عشر ، فجعل الخلفاء والملوك اثني عشر فقط .

                                                                                                                          فظاهر هذه اللفظة ينقض أول الخبر . وليس بحمد الله ومنه كذلك ، ولا يجب أن يجعل حرمان توفيق الإصابة دليلا على بطلان الوارد من الأخبار ، بل يجب أن يطلب العلم من مظانه ، فيتفقه في السنن حتى يعلم أن أخبار من عصم ، ولم يكن ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى صلى الله عليه وسلم ، لا تتضاد ولا تتهاتر ، ولكن معنى الخبر عندنا أن من بعد الثلاثين سنة يجوز أن يقال لهم : خلفاء أيضا على سبيل الاضطرار ، وإن كانوا [ ص: 37 ] ملوكا على الحقيقة ، وآخر الاثني عشر من الخلفاء كان عمر بن عبد العزيز .

                                                                                                                          فلما ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم الخلافة ثلاثين سنة ، وكان آخر الاثني عشر عمر بن عبد العزيز ، وكان من الخلفاء الراشدين المهديين ، أطلق على من بينه وبين الأربع الأول اسم الخلفاء .

                                                                                                                          وذاك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قبضه الله إلى جنته يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة عشر من الهجرة .

                                                                                                                          واستخلف أبو بكر الصديق يوم الثلاثاء ثاني وفاته صلى الله عليه وسلم ، وتوفي أبو بكر الصديق ليلة الاثنين لسبع عشرة ليلة مضين من جمادى الآخرة ، وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر واثنين وعشرين يوما .

                                                                                                                          ثم استخلف عمر بن الخطاب يوم الثاني من موت أبي بكر الصديق ، ثم قتل عمر رضي الله عنه ، وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال .

                                                                                                                          [ ص: 38 ] ثم استخلف عثمان بن عفان رضوان الله عليه ، ثم قتل عثمان ، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوما .

                                                                                                                          ثم استخلف علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، وقتل ، وكانت خلافته خمس سنين وثلاثة أشهر إلا أربعة عشر يوما .

                                                                                                                          فلما قتل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، وذلك يوم السابع عشر من رمضان سنة أربعين ، بايع أهل الكوفة الحسن بن علي بالكوفة ، وبايع أهل الشام معاوية بن أبي سفيان بإيلياء ، ثم سار معاوية يريد الكوفة ، وسار إليه الحسن بن علي ، فالتقوا بناحية الأنبار ، فاصطلحوا على كتاب بينهم بشروط فيه ، وسلم الحسن الأمر إلى معاوية ، وذلك يوم الاثنين لخمس ليال بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ، وتسمى هذه السنة سنة الجماعة .

                                                                                                                          [ ص: 39 ] ثم توفي معاوية بدمشق يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة ستين ، وكانت ولايته تسع عشرة سنة وأربعة أشهر إلا ليال ، وكانت له يوم مات ثمان وسبعون سنة .

                                                                                                                          ثم ولي يزيد بن معاوية ابنه يوم الخميس في اليوم الذي مات فيه أبوه ، وتوفي بحوارين - قرية من قرى دمشق - لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة أربع وستين ، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة ، وكانت ولايته ثلاث سنين وثمانية أشهر إلا أياما .

                                                                                                                          ثم بويع ابنه معاوية بن يزيد يوم النصف من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ، ومات يوم الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين ، وكانت إمارته أربعين ليلة ، ومات وهو ابن إحدى وعشرين سنة ، ثم بايع أهل الشام مروان بن الحكم ، وبايع أهل الحجاز عبد الله بن الزبير ، فاستوى الأمر لمروان يوم الأربعاء لثلاث ليال خلون من ذي القعدة سنة أربع وستين ، ومات مروان بن الحكم في شهر رمضان بدمشق سنة خمس وستين ، وله ثلاث وستون سنة ، وكانت إمارته عشرة أشهر إلا ليال .

                                                                                                                          ثم بايع أهل الشام عبد الملك بن مروان في اليوم الذي مات [ ص: 40 ] فيه أبوه ، ومات عبد الملك بدمشق في شوال سنة ست وثمانين وله اثنان وستون سنة .

                                                                                                                          ثم بايع أهل الشام الوليد ابنه يوم توفي عبد الملك .

                                                                                                                          ثم توفي الوليد بدمشق في النصف من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين ، وكان له يوم مات ثمان وأربعون سنة ، وكانت إمارته تسع سنين وثمانية أشهر .

                                                                                                                          ثم بويع سليمان بن عبد الملك أخوه لأمه وأبيه ، وتوفي سليمان يوم الجمعة لعشر ليال بقين من صفر بدابق سنة تسع وتسعين وله خمس وأربعون سنة ، وكانت إمارته سنتين وثمانية أشهر وخمس ليال .

                                                                                                                          ثم بايع الناس عمر بن عبد العزيز في اليوم الذي مات فيه سليمان ، وتوفي رحمه الله بدير سمعان من أرض حمص يوم الجمعة لخمس ليال بقين من رجب سنة إحدى ومائة ، وله يوم مات إحدى وأربعون سنة ، وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وخمس ليال .

                                                                                                                          [ ص: 41 ] وهو آخر الخلفاء الاثني عشر الذين خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أمته بهم .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية