الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3317 - "تعرف إلى الله في الرخاء؛ يعرفك في الشدة" ؛ ( أبو القاسم بن بشران ؛ في أماليه)؛ عن أبي هريرة ؛ (ح) .

التالي السابق


(تعرف) ؛ بشد الراء؛ (إلى الله) ؛ أي: تحبب وتقرب إليه؛ بطاعته والشكر على سابغ نعمته ؛ والصبر تحت مر أقضيته؛ وصدق الالتجاء الخالص قبل نزول بليته؛ (في الرخاء) ؛ أي: في الدعة والأمن والنعمة وسعة العمر وصحة البدن؛ فالزم الطاعات والإنفاق في القربات؛ حتى تكون متصفا عنده بذلك؛ معروفا به؛ (يعرفك في الشدة) ؛ بتفريجها عنك؛ وجعله لك من كل ضيق مخرجا؛ ومن كل هم فرجا؛ بما سلف من ذلك التعرف؛ كما وقع للثلاثة الذين آووا إلى الغار؛ فإذا تعرفت إليه في الرخاء؛ والاختيار؛ جازاك عليه عند الشدائد والاضطرار؛ بمدد توفيقه؛ وخفي لطفه؛ كما أخبر (تعالى) عن يونس - عليه الصلاة والسلام - بقوله: فلولا أنه كان من المسبحين ؛ يعني: قبل البلاء؛ بخلاف فرعون لما تنكر إلى ربه في حال رخائه؛ لم ينجه اللجوء عند بلائه ؛ قال: آلآن وقد عصيت قبل ؛ وقيل: المراد: تعرف إلى ملائكته في الرخاء؛ بالتزامك الطاعة والعمل فيما أولاك من نعمه؛ فإنه يجازيك في الشدة؛ يعرفك في الشدة بواسطة شفاعتهم بتفريج كربك؛ والأول أولى؛ لاستغنائه عن التقدير؛ قال الصوفية: ينبغي أن يكون بينه وبين ربه معرفة خاصة بقلبه؛ بحيث يجده قريبا؛ للاستغناء له منه؛ فيأنس به في خلوته؛ ويجد حلاوة ذكره ودعائه ومناجاته وخدمته؛ ولا يزال العبد يقع في شدائد وكرب في الدنيا؛ والبرزخ؛ والموقف؛ فإذا كان بينه وبين ربه معرفة خاصة؛ كفاه ذلك كله.

( أبو القاسم بن بشران ؛ في أماليه؛ عن أبي هريرة ) ؛ ورواه عنه القضاعي وغيره؛ وقال بعض الشراح: حسن غريب.




الخدمات العلمية