الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما يقول الرجل إذا طعم

                                                                      3849 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ثور عن خالد بن معدان عن أبي أمامة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفعت المائدة قال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا [ ص: 262 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 262 ] أي : إذا فرغ من الطعام . قال ابن بطال : اتفقوا على استحباب الحمد بعد الطعام ووردت في ذلك أنواع يعني لا يتعين شيء منها .

                                                                      ( إذا رفعت المائدة ) أي : من بين يديه وقد ثبت في الحديث الصحيح برواية أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأكل على خوان قط ، والمائدة هي خوان عليه طعام فأجاب بعضهم بأن أنسا ما رأى ذلك ورآه غيره والمثبت يقدم على النافي . قال في الفتح : وقد تطلق المائدة ويراد بها نفس الطعام . وقد نقل عن البخاري أنه قال : إذا أكل الطعام على شيء ثم رفع قيل رفعت المائدة انتهى .

                                                                      قلت : والتحقيق في ذلك أن المائدة هي ما يبسط للطعام سواء كان من ثوب أو جلد أو حصير أو خشب أو غير ذلك فالمائدة عام لها أنواع منها السفرة ومنها الخوان وغيره فالخوان بضم الخاء يكون من خشب وتكون تحته قوائم من كل جانب والأكل عليه من دأب المترفين لئلا يفتقر إلى التطأطؤ والانحناء فالذي نفي بحديث أنس هو الخوان والذي أثبت هو نحو السفرة وغيره والله أعلم .

                                                                      ( طيبا ) أي : خالصا من الرياء والسمعة ( مباركا ) بفتح الراء هو وما قبله صفات لحمد مقدر ( فيه ) الضمير راجع إلى الحمد أي : حمدا ذا بركة دائما لا ينقطع لأن نعمه لا تنقطع عنا فينبغي أن يكون حمدنا غير منقطع أيضا ولو نية واعتقادا ( غير مكفي ) بنصب غير ورفعه ومكفي بفتح الميم وسكون الكاف وتشديد التحتية من كفأت أي : غير مردود ولا مقلوب والضمير راجع إلى الطعام الدال عليه السياق أو هو من الكفاية فيكون من المعتل يعني أنه تعالى هو المطعم لعباده والكافي لهم فالضمير راجع إلى الله تعالى .

                                                                      قال العيني : هو من الكفاية وهو اسم مفعول أصله مكفوي على وزن مفعول فلما [ ص: 263 ] اجتمعت الواو والياء قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء ثم أبدلت ضمة الفاء كسرة لأجل الياء والمعنى هذا الذي أكلناه ليس فيه كفاية عما بعده بحيث ينقطع بل نعمك مستمرة لنا طول أعمارنا غير منقطعة وقيل : الضمير راجع إلى الحمد أي أن الحمد غير مكفي . . إلخ كذا قال القسطلاني في شرح البخاري ( ولا مودع ) بفتح الدال الثقيلة أي : غير متروك ويحتمل كسرها على أنه حال من القائل أي : غير تارك ( ولا مستغنى عنه ) بفتح النون وبالتنوين أي : غير مطروح ولا معرض عنه بل محتاج إليه ( ربنا ) بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : هو ربنا أو على أنه مبتدأ وخبره مقدم عليه ويجوز النصب على المدح أو الاختصاص أو إضمار أعني قال ابن التين : ويجوز الجر على أنه بدل من الضمير في عنه وقال غيره على البدل من الاسم في قوله الحمد لله وقال ابن الجوزي : ربنا بالنصب على النداء مع حذف أداة النداء .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية