الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قوله ) : والأخبار فيه كثيرة ( فمنها : حديث أبي أيوب : { أربع من سنن المرسلين : الختان ، والسواك ، والتعطر ، والنكاح }رواه أحمد والترمذي ورواه ابن أبي خيثمة رضي الله عنه وغيره من حديث مليح بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده نحوه ، ورواه الطبراني من حديث ابن عباس .

ومنها : حديث عائشة : { عشر من الفطرة . فذكر فيها السواك } ، رواه . مسلم ورواه أبو داود من حديث عمار .

ومنها : حديث أبي هريرة : { الطهارات أربع : قص الشارب ، وحلق العانة ، وتقليم الأظفار ، والسواك }رواه البزار ، ورواه الطبراني من حديث أبي الدرداء .

ومنها : حديث أم سلمة مرفوعا : { ما زال جبريل يوصيني بالسواك ، حتى خشيت أن يدردني }رواه الطبراني ، والبيهقي ، ورواه ابن ماجه من حديث أبي أمامة ، ورواه الطبراني من حديث سهل بن سعد ، ورواه أبو نعيم من حديث جبير بن مطعم ، وأبي الطفيل ، وأنس ، والمطلب بن عبد الله ، ورواه [ ص: 111 ] أحمد من حديث ابن عباس ، ورواه ابن السكن من حديث عائشة .

ومنها : حديث عائشة : { كان إذا سافر حمل السواك ، والمشط ، والمكحلة ، والقارورة ، والمرآة }. رواه العقيلي ، وأبو نعيم . وأعله ابن الجوزي من طرق .

وعن عائشة : { كنت أضع له ثلاثة آنية مخمرة : إناء لطهوره ، وإناء لسواكه ، وإناء لشرابه }. رواه ابن ماجه وإسناده ضعيف . وروى ابن طاهر في صفوة التصوف ، عن أبي سعيد نحو حديث عائشة الأول .

ومنها : حديث عائشة : { فضل الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لا يستاك لها ، سبعين ضعفا }رواه أحمد وابن خزيمة والحاكم ، والدارقطني ، وابن عدي ، والبيهقي في الشعب ، وأبو نعيم ، ومداره عندهم على ابن إسحاق ، ومعاوية بن يحيى الصدفي ، كلاهما عن الزهري ، عن [ ص: 112 ] عروة ، لكن رواه أبو نعيم من طريق ابن عيينة ، عن منصور ، عن الزهري ، ولكن إسناده إلى ابن عيينة فيه نظر ، فإنه قال : ثنا أبو بكر الطلحي ، ثنا سهل بن المرزبان ، عن محمد التميمي الفارسي ، عن الحميدي ، عن ابن عيينة ، فينظر في إسناده . ورواه الخطيب في المتفق والمفترق من حديث سعيد بن عفير ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة . ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من وجه آخر ، عن أبي الأسود ، إلا أن فيه الواقدي ، وله طريق أخرى ; رواها أبو نعيم من طريق فرج بن فضالة ، عن عروة بن رويم ، عن عائشة ، وفرج ضعيف ، ورواه ابن حبان في الضعفاء ، من طريق مسلمة بن علي ، عن الأوزاعي ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، ومسلمة ضعيف ، وقال : وإنما يروى هذا عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية مرسلا . قلت : بل معضلا ، وقال يحيى بن معين : هذا الحديث لا يصح له إسناد ، وهو باطل . قلت رواه أبو نعيم من حديث ابن عمر ، ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث جابر ، وأسانيده معلولة .

ومنها : حديث جابر : { إذا قام أحدكم من الليل يصلي فليستاك ، فإنه إذا قام يصلي ، أتاه ملك ، فيضع فاه على فيه ، فلا يخرج شيء من فيه ، إلا وقع في في الملك }رواه أبو نعيم ورواته ثقات ، قاله ابن دقيق العيد . وفي الباب عن علي رواه البزار .

ومنها : حديث عائشة : { هن لكم سنة ، وعلي فريضة : السواك ، والوتر ، وقيام الليل }رواه البيهقي ، في إسناده موسى بن عبد الرحمن الصنعاني ، وهو متروك . قال البيهقي : لم يثبت في هذا شيء .

وروى ابن خزيمة وابن حبان [ ص: 113 ] وأبو داود ، والحاكم والبيهقي من حديث عبد الله بن حنظلة : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمر بالوضوء لكل صلاة ، طاهرا كان أو غير طاهر ، فلما شق ذلك عليه ، أمر بالسواك عند كل صلاة ، ووضع عنه الوضوء ; إلا من حدث }. وروى أحمد والطبراني من حديث واثلة بن الأسقع : { أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي }وفيه ليث بن أبي سليم ، وهو ضعيف .

ومنها : حديث رافع بن خديج وغيره : { والسواك واجب . }الحديث ، رواه أبو نعيم ، وإسناده واه .

وروى ابن ماجه من طريق أبي أمامة : { لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك }وإسناده ضعيف ، وقد تقدم من طرق صحيحة .

ومنها : حديث عامر بن ربيعة : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي ، يتسوك وهو صائم }. رواه أصحاب السنن وابن خزيمة وعلقه البخاري ، وفيه عاصم بن عبيد الله ، وهو ضعيف . فقال ابن خزيمة : أنا أبرأ من [ ص: 114 ] عهدته . لكن حسن الحديث غيره كما تقدم .

ومنها حديث عائشة : { من خير خصال الصائم السواك }رواه ابن ماجه ، وهو ضعيف ، ورواه أبو نعيم ، من طريقين آخرين عنها ، وروى النسائي في الكنى ، والعقيلي وابن حبان في الضعفاء ، والبيهقي من طريق عاصم ، عن أنس : { يستاك الصائم أول النهار وآخره ، برطب السواك ويابسه }ورفعه ، وفيه إبراهيم بن بيطار الخوارزمي ، قال البيهقي : انفرد به إبراهيم بن بيطار ، ويقال : إبراهيم بن عبد الرحمن قاضي خوارزم . وهو منكر الحديث ، وقال ابن حبان : لا يصح ، ولا أصل له من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا من حديث أنس وذكره ابن الجوزي في الموضوعات .

قلت : له شاهد من حديث معاذ ، رواه الطبراني في الكبير ، وقال أحمد بن منيع في مسنده : حدثنا الهيثم بن خارجة ، ثنا يحيى بن حمزة ، عن النعمان بن المنذر ، عن عطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، عن ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم تسوك وهو صائم }.

وروى البيهقي عن عطاء ، عن { أبي هريرة ، قال : لك السواك إلى العصر ، فإذا صليت العصر فألقه . فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك }وقد تقدم ، وفي إسناده عمر بن قيس - سندل - وهو متروك . وروى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق ، من حديث قتادة ، عن أبي هريرة نحوه ، وفيه انقطاع . [ ص: 115 ]

ومنها حديث محرز : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نام ليلة حتى استن }. رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة .

وروي في كتاب السواك من حديث أبي عتيق ، عن { جابر : أنه كان يستاك إذا أخذ مضجعه ، وإذا قام من الليل ، وإذا خرج إلى الصلاة . فقلت له : قد شققت على نفسك ، فقال : إن أسامة أخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستاك هذا السواك }. وفيه حرام بن عثمان ، وهو متروك .

ومنها حديث عبد الله بن عمرو : { لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يستاكوا بالأسحار }رواه أبو نعيم ، وفي إسناده ابن لهيعة .

ومنها حديث العباس : { كانوا يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تدخلون علي قلحا ، استاكوا . }الحديث ، رواه البزار والبغوي ، والطبراني ، وابن أبي خيثمة ، قال أبو علي بن السكن : فيه اضطراب . ورواه أحمد من حديث تمام بن العباس ، ورواه الطبراني من حديث جعفر بن تميم - أو تمام - عن أبيه ، وقيل : عن تمام بن قثم ، أو ابن تمام ، في مسند أحمد .

وروى الطبراني والبيهقي من حديث ابن عباس قال : { أتى رجلان النبي صلى الله عليه وسلم حاجتهما واحدة ، فوجد من فيه إخلافا ، فقال : أما تستاك ؟ قال : بلى . }الحديث . ومنها : حديث أبي موسى في { السواك على طرف اللسان }. متفق عليه .

ومنها : حديث عائشة : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك ، فيعطيني [ ص: 116 ] السواك لأغسله ، فأبدأ به فأستاك ، ثم أغسله ، فأدفعه إليه }. رواه أبو داود وفي الصحيحين عنها في قصة سواك عبد الرحمن بن أبي بكر ، { قالت : فأخذته فقضمته ، ثم أعطيته له }.

ومنها : حديث ابن عمر رفعه : { أراني أتسوك بسواك ، فجاءني رجلان ، أحدهما أكبر من الآخر ، فناولت السواك الأصغر منهما ، فقيل لي : كبر }متفق عليه ، ورواه أبو داود بسند حسن عن عائشة نحوه .

ومنها : حديث أبي سعيد : { الغسل يوم الجمعة واجب ، وأن يستن ، وأن يمس طيبا إن قدر عليه }متفق عليه . وفي الباب عن أبي هريرة ، وابن عباس .

ومنها : حديث علي : إن أفواهكم طرق للقرآن فطهروها بالسواك " رواه أبو نعيم ، ووقفه ابن ماجه ورواه أبو مسلم الكجي في السنن ، وأبو نعيم من [ ص: 117 ] حديث الوضين ، وفي إسناده مندل ، وهو ضعيف .

ومنها : حديث عائشة : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا دخل بيته ، يبدأ بالسواك }. رواه ابن حبان في صحيحه ، وأصله في مسلم .

ومنها : حديث أنس : { أكثرت عليكم في السواك }رواه البخاري ، وذكره ابن أبي حاتم في العلل ، من حديث أبي أيوب بلفظ : { عليكم بالسواك }وأعله أبو زرعة بالإرسال ، ورواه مالك في الموطإ من حديث عبيد بن السباق مرسلا .

ومنها : حديث أنس : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستاك بفضل وضوئه }. رواه الدارقطني ، وفي إسناده يوسف بن خالد السمتي وهو متروك ، ورواه من طريق أخرى ، عن الأعمش ، عن أنس ، وهو منقطع . وفي البخاري تعليقا : أن جريرا أمر أهله بذلك ، ووصله ابن أبي شيبة .

ومنها : حديث : { يجزي من السواك الأصابع }رواه ابن عدي [ ص: 118 ] والدارقطني ، والبيهقي ، من حديث عبد الله بن المثنى ، عن النضر بن أنس ، عن أنس وفي إسناده نظر . وقال الضياء المقدسي : لا أرى بسنده بأسا ، وقال البيهقي : المحفوظ عن ابن المثنى ، عن بعض أهل بيته ، عن أنس نحوه ، ورواه أيضا من طريق ابن المثنى ، عن ثمامة ، عن أنس ، ورواه أبو نعيم ، والطبراني ، وابن عدي ، من حديث عائشة ، وفيه المثنى بن الصباح ، ورواه أبو نعيم ، من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، عن أبيه ، عن جده ، وكثير ضعفوه ، وأصح من ذلك ما رواه أحمد في مسنده ، من حديث { علي بن أبي طالب : أنه دعا بكوز من ماء فغسل وجهه وكفيه ثلاثا وتمضمض ، فأدخل بعض أصابعه في فيه . الحديث ، وفي آخره : هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم }.

وروى أبو عبيد في كتاب الطهور عن عثمان : أنه كان إذا توضأ يسوك فاه بإصبعه . وروى الطبراني في الأوسط من حديث عائشة ، { قلت : يا رسول الله ; الرجل يذهب فوه أيستاك ؟ قال : نعم . قلت : كيف يصنع ؟ قال : يدخل أصبعه في فيه }. رواه من طريق الوليد بن مسلم ، ثنا عيسى بن عبد الله الأنصاري ، عن عطاء ، عنها ، وقال : لا يروى إلا بهذا الإسناد . قلت : عيسى ضعفه ابن حبان ، وذكر له ابن عدي هذا الحديث من مناكيره .

ومنها : حديث جابر : { كان السواك من أذن النبي صلى الله عليه وسلم ، موضع القلم من أذن الكاتب }. رواه الطبراني من حديث يحيى بن اليمان ، عن سفيان ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبي جعفر ، عنه ، وقال : تفرد به يحيى بن اليمان ، وسئل أبو زرعة عنه في العلل ؟ فقال وهم فيه يحيى بن يمان ، إنما هو عند ابن إسحاق ، عن أبي سلمة ، عن زيد بن خالد من فعله . [ ص: 119 ] قلت : كذا أخرجه أبو داود والترمذي ، ورواه الخطيب في كتاب الرواة عن مالك ، في ترجمة يحيى بن ثابت عنه ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوكتهم خلف آذانهم ، يستنون بها لكل صلاة .

ومنها : حديث ابن عباس مرفوعا : { السواك يذهب البلغم ، ويفرح الملائكة ، ويوافق السنة }رواه أبو نعيم .

( فائدة ) ذكر القشيري بلا إسناد عن أبي الدرداء قال : عليكم بالسواك فلا تغفلوه ، فإن في السواك أربعا وعشرين خصلة ، أفضلها أن يرضي الرحمن ، ويصيب السنة ، ويضاعف صلاته سبعا وسبعين ضعفا ، ويورثه السعة والغنى ، ويطيب النكهة ، ويشد اللثة ، ويسكن الصداع ، ويذهب وجع الضرس ، وتصافحه الملائكة لنور وجهه وبرق أسنانه . وذكر بقيتها . ولا أصل له ، لا من طريق صحيح ، ولا ضعيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية