الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابعة عشرة : أعرض الناس في هذه الأعصار المتأخرة عن اعتبار مجموع ما بينا من الشروط في رواة الحديث ومشايخه ، فلم يتقيدوا بها في رواياتهم ، لتعذر الوفاء بذلك على نحو ما تقدم ، وكان عليه من تقدم .

ووجه ذلك ما قدمنا في أول كتابنا هذا من كون المقصود آل آخرا إلى المحافظة على خصيصة هذه الأمة في الأسانيد ، والمحاذرة من انقطاع سلسلتها ، فليعتبر من الشروط المذكورة ما يليق بهذا الغرض على تجرده ، وليكتف في أهلية الشيخ بكونه مسلما ، بالغا ، عاقلا ، غير متظاهر بالفسق والسخف ، وفي ضبطه بوجود سماعه مثبتا بخط غير متهم ، وبروايته من أصل موافق لأصل شيخه .

[ ص: 121 ] وقد سبق إلى نحو ما ذكرناه الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي رحمه الله ، فإنه ذكر فيما روينا عنه توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم ، ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن يكون القراءة عليهم من أصل سماعهم .

ووجه ذلك بأن الأحاديث التي قد صحت ، أو وقفت بين الصحة والسقم قد دونت وكتبت في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث ، ولا يجوز أن يذهب شيء منها على جميعهم ، وإن جاز أن يذهب على بعضهم ، لضمان صاحب الشريعة حفظها .

قال : " فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه ، ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته ، والحجة قائمة بحديثه برواية غيره ، والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلا " بحدثنا وأخبرنا " ، وتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبينا المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية