الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم

فيه خمس مسائل : الأولى : قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا ذكر شيئا آخر من جهالات اليهود والمقصود نهي المسلمين عن مثل ذلك . وحقيقة راعنا في اللغة ارعنا ولنرعك ، لأن المفاعلة من اثنين ، فتكون من رعاك الله ، أي احفظنا ولنحفظك ، وارقبنا ولنرقبك . ويجوز أن يكون من أرعنا سمعك ، أي فرغ سمعك لكلامنا . وفي المخاطبة بهذا جفاء ، فأمر المؤمنين أن يتخيروا من الألفاظ أحسنها ومن المعاني أرقها . قال ابن عباس : كان المسلمون يقولون [ ص: 56 ] لنبي صلى الله عليه وسلم : راعنا . على جهة الطلب والرغبة - من المراعاة - أي التفت إلينا ، وكان هذا بلسان اليهود سبا ، أي اسمع لا سمعت ، فاغتنموها وقالوا : كنا نسبه سرا فالآن نسبه جهرا ، فكانوا يخاطبون بها النبي صلى الله عليه وسلم ويضحكون فيما بينهم ، فسمعها سعد بن معاذ وكان يعرف لغتهم ، فقال لليهود : عليكم لعنة الله ! لئن سمعتها من رجل منكم يقولها للنبي صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه ، فقالوا : أولستم تقولونها ؟ فنزلت الآية ، ونهوا عنها لئلا تقتدي بها اليهود في اللفظ وتقصد المعنى الفاسد فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية