الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3468 حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كان له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكان له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( في يوم مائة مرة ) مجتمعة أو متفرقة ( كان ) أي ما ذكر ( له ) أي للقائل به ( عدل عشر [ ص: 307 ] رقاب ) بكسر العين وفتحها بمعنى المثل أي ثواب عتق عشر رقاب وهو جمع رقبة وهي في الأصل العنق فجعلت كناية عن جميع ذات الإنسان تسمية للشيء ببعضه أي يضاعف ثوابه حتى يصير مثل ثواب العتق المذكور ( وكتبت ) أي ثبتت ( مائة حسنة ) بالرفع ( ومحيت ) أي أزيلت ( وكان حرزا ) أي حفظا لفظا ومعنى ( من الشيطان ) أي من غوائله ووساوسه ( يومه ذلك ) أي في اليوم الذي قاله فيه ( حتى يمسي ) ظاهر التقابل أنه إذا قال في الليل كان له حرزا منه ليلة ذلك حتى يصبح ، فيحتمل أن يكون اختصارا من الراوي أو ترك لوضوح المقابلة ، وتخصيص النهار لأنه أحوج فيه إلى الحفظ قاله القاري . قلت : قال الحافظ في الفتح : قوله كانت له حرزا من الشيطان في رواية عبد الله بن سعيد : وحفظ يومه حتى يمسي وزاد : ومن قال مثل ذلك حين يمسي ، كان له مثل ذلك ومثل ذلك . في طرق أخرى يأتي التنبيه عليها بعد ، انتهى ، قال النووي : ظاهر إطلاق الحديث أنه يحصل هذا الأجر المذكور في الحديث لمن قال هذا التهليل مائة مرة في يومه سواء قاله متوالية أو متفرقة في مجالس أو بعضها أول النهار وبعضها آخره لكن الأفضل أن يأتي بها متوالية في أول النهار ليكون حرزا له في جميع نهاره وكذا في أول الليل ليكون حرزا له في جميع ليله ( ولم يأت أحد ) أي يوم القيامة ( بأفضل مما جاء به ) أي بأي عمل كان من الحسنات ( إلا أحد عمل أكثر من ذلك ) أي من جنسه أو غيره . قال النووي : فيه دليل أنه لو قال هذا التهليل أكثر من مائة مرة في اليوم كان له هذا الأجر المذكور في الحديث على المائة ويكون له ثواب آخر على الزيادة ، وليس هذا من الحدود التي نهى عن اعتدائها ومجاوزة أعدادها وأن زيادتها لا فضل فيها أو تبطلها كالزيادة في عدد الطهارة وعدد ركعات الصلاة ، ويحتمل أن يكون المراد الزيادة من أعمال الخير لا من نفس التهليل ، ويحتمل أن يكون المراد مطلق الزيادة سواء كانت من التهليل أو من غيره أو منه ومن غيره وهذا الاحتمال أظهر والله أعلم انتهى . ( حطت خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر ) ظاهره مع قوله في التهليل " محيت عنه مائة سيئة " أن التسبيح أفضل من التهليل لأن عدد زبد البحر أضعاف أضعاف المائة ، وقد قال في التهليل : ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به ، قال القاضي في الجواب عن هذا : إن التهليل المذكور أفضل ويكون ما فيه من زيادة الحسنات ومحو السيئات . وما فيه من فضل عتق الرقاب وكونه حرزا من الشيطان زائدا على فضل التسبيح وتكفير الخطايا ؛ لأنه قد ثبت أن من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار . وقد حصل بعتق رقبة واحدة تكفير جميع الخطايا [ ص: 308 ] مع ما يبقى له من زيادة عتق الرقاب الزائدة على الواحدة ومع ما فيه من زيادة مائة درجة وكونه حرزا من الشيطان ، ويؤيده ما جاء في الحديث الآخر : أن أفضل الذكر التهليل مع الحديث الآخر : " أفضل ما قلته أنا والنبيون قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له " الحديث ، وقيل إنه اسم الله الأعظم وهي كلمة الإخلاص . كذا في شرح مسلم للنووي . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجه وأبو عوانة .




                                                                                                          الخدمات العلمية