الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ، أي : متثاقلين لا رغبة تبعثهم ولا نشاط ; لأنهم لعدم إيمانهم لا يرجون فيها ثوابا في الآخرة ، ولا يبتغون بها تربية ملكة مراقبة الله تعالى وحبه والأنس بذكره ومناجاته لتنتهي نفوسهم بذلك عن الفحشاء والمنكر ، وتكون أهلا لرضوان الله الأكبر ، كما هو شأن المؤمنين الصادقين ، وإنما هي عندهم كلفة مستثقلة ، فإذا كانوا بمعزل عن المؤمنين تركوها ، وإذا كانوا معهم سايروهم بالقيام إليها يراءون الناس بها ، أي : يبتغون بذلك أن يراهم الناس المؤمنون فيعدوهم منهم ، فالكسل : التثاقل عما ينبغي النشاط فيه ، والمراءاة أن يكون المرء الذي يرائيك بحيث تراه كما يراك ، فهو فعل مشاركة من الرؤية ولا يذكرون الله إلا قليلا ، قيل : معناه أنهم لا ينطقون إلا بالأذكار الجهرية التي يسمعها الناس كالتكبيرات ، وقول : " سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد " عند القيام من الركوع ، والسلام ، وقيل : إن المراد بالذكر هنا ذكر النفس ، وإنما يقع هذا من المرتابين دون الجاحدين ، وقيل : إن المراد به الصلاة أي لا يصلون إلا قليلا ، وذلك إذا أدركتهم الصلاة وهم مع المؤمنين ، وكل هذه الأقوال قريبة ، ويجوز أن تراد كلها من اللفظ عند بعض العلماء ، ولعل القول الثاني أقواها ، هذه حال منافقي الصدر الأول ، ومنافقو هذا العصر الأخير شر منهم لا يقومون إلى الصلاة ألبتة ، ولا يرون للمؤمنين قيمة في دنياهم فيراءوهم فيها ، وإنما يقع الرياء بالصلاة من بعضهم إذا صاروا وزراء وحضروا مع السلاطين والأمراء بعض المواسم الدينية الرسمية ، وقلما يحضرون معهم غير المواسم المبتدعة كليلة المعراج وليلة النصف من شعبان وليلة المولد النبوي .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية