الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                236 حدثنا هارون بن معروف ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي وأبو الطاهر قالوا حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن حبان بن واسع حدثه أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد بن عاصم المازني يذكر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمضمض ثم استنثر ثم غسل وجهه ثلاثا ويده اليمنى ثلاثا والأخرى ثلاثا ومسح برأسه بماء غير فضل يده وغسل رجليه حتى أنقاهما قال أبو الطاهر حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                وقوله : ( حدثنا هارون بن معروف وحدثني هارون بن سعيد الأيلي وأبو الطاهر قالوا : حدثنا ابن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث أن حبان بن واسع حدثه فذكر الحديث ثم قال في آخره : قال [ ص: 475 ] أبو الطاهر : حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث ) هذا من احتياط مسلم - رحمه الله - تعالى - ووفور علمه وورعه ، ففرق بين روايته عن شيخيه الهارونين فقال في الأول : حدثنا ، وفي الثاني : حدثني فإن روايته عن الأول كانت سماعا من لفظ الشيخ له ولغيره ، وروايته عن الثاني كانت له خاصة من غير شريك له ، وقد قدمنا أن المستحب في مثل الأول أن يقول : حدثنا ، وفي الثاني : وحدثني ، وهذا مستحب بالاتفاق وليس بواجب فاستعمله مسلم - رحمه الله - تعالى ، وقد أكثر من التحري في مثل هذا ، وقد قدمت له نظائر ، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - التنبيه على نظائره كثيرا . والله أعلم .

                                                                                                                وأما قوله : ( قال أبو الطاهر : حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث ) فهو أيضا من احتياط مسلم وورعه فإنه روى الحديث أولا عن شيوخه الثلاثة الهارونين وأبي الطاهر عن ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، ولم يكن في رواية أبي الطاهر أخبرني ، إنما كان فيها : عن عمرو بن الحارث ، وقد تقرر أن لفظة ( عن ) مختلف في حملها على الاتصال ، والقائلون إنها للاتصال وهم الجماهير يوافقون على أنها دون أخبرنا ، فاحتاط مسلم - رحمه الله - تعالى - وبين ذلك ، وكم في كتابه من الدرر والنفائس المشابهة لهذا - رحمه الله - تعالى وجمع بيننا وبينه في دار كرامته . والله أعلم .

                                                                                                                ( وحبان ) بفتح الحاء المهملة وبالموحدة والأيلي بفتح الهمزة وإسكان المثناة . والله أعلم .

                                                                                                                قوله ( ومسح برأسه بماء غير فضل يده ) وفي بعض النسخ يديه ، معناه أنه مسح الرأس بماء جديد لا ببقية ماء يديه ، ولا يستدل بهذا على أن الماء المستعمل لا تصح الطهارة به ; لأن هذا إخبار عن الإتيان بماء جديد للرأس ، ولا يلزم من ذلك اشتراطه . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية