الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4193 4462 - حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس قال: لما ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل يتغشاه، فقالت فاطمة - عليها السلام -: واكرب أباه. فقال لها: " ليس على أبيك كرب بعد اليوم". فلما مات قالت: يا أبتاه، أجاب ربا دعاه، يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه. فلما دفن قالت فاطمة - عليها السلام -: يا أنس، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب؟! [فتح: 8 \ 149]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث الأسود: قال: ذكر عند عائشة رضي الله عنها أوصى إلى علي، فقالت: من قاله؟ لقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وإني لمسندته إلى

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 636 ] صدري، فدعا بالطست فانخنث فمات، فما شعرت، فكيف أوصى إلى علي؟!


                                                                                                                                                                                                                              معنى الحديث: مال إلى أحد شقيه، وفيه: حديث النهي عن اختناث الأسقية، وهو أن تثنى أفواهها ليشرب منها، وسمي المخنث لانخناثه وتثنيه في مشيه وحركاته، وقيل: انخنث: استرخى.

                                                                                                                                                                                                                              وذكر بعده حديث طلحة: سألت عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنهما -: أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: لا. فقلت: كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بها؟ قال: أوصى بكتاب الله. وسلف معناه.

                                                                                                                                                                                                                              وحديث عبد الله بن الحارث - رضي الله عنه -: ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة، إلا بغلته البيضاء .. الحديث وقد سلف.

                                                                                                                                                                                                                              وحديث حماد، عن ثابت، عن أنس - رضي الله عنه - قال: لما ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل يتغشاه، فقالت فاطمة: واكرب أباه. فقال لها: "ليس على أبيك كرب بعد اليوم". فلما مات قالت: يا أبتاه، أجاب ربا دعاه، يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه. فلما دفن قالت فاطمة: يا أنس، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب؟!

                                                                                                                                                                                                                              قال الخطابي: تكلم فيه غير واحد من أهل العلم، ويدخل فيهم أيضا من لا يعد من أهل العلم، وهو إسحاق بن إبراهيم الموصلي فيما يعيب أصحاب الحديث في كتاب له، وزعم أنهم لا يعرفون معنى قوله: "ليس على أبيك كرب بعد اليوم" ثم قال: إنما كان كربه شفقة على أمته لما علم من وقوع الاختلاف والفتن بعده، قال: وهذا ليس بشيء، ولو كان كما قال لوجب انقطاع شفقته عن الأمة بعد موته، وشفقته دائمة على الأمة أيام حياته وباقية بعد وفاته; لأنه

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 637 ] مبعوث إلى الغابرين قرنا بعد قرن إلى قيام الساعة، وإنما هو ما كان يجده من كرب الموت وغيره، وكان بشرا يناله الوصب، فيجد له من الألم مثل ما يجد الناس أو أكثر، وإن كان صبره عليه واحتماله أحسن، وقد روي عن عبد الله بن مسعود قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محموم، فقلت: يا رسول الله، إنك توعك وعكا شديدا، قال: "أجل، إنا معشر الأنبياء يضاعف علينا البلاء كما يضاعف لنا الأجر" فالمعنى: لا يصيب بعد اليوم نصب ولا وصب يجد له كربا إذا مضى إلى دار الكرامة .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة:

                                                                                                                                                                                                                              زاد أبو داود عن حماد: يا أبتاه من ربه ما أدناه. وروى المبارك بن فضالة، عن ثابت، ولفظه: قالت فاطمة: واكرباه، فقال: فقال: "إنه ليس على أبيك كرب بعد اليوم" وأخرج ابن ماجه بعضه في: الجنائز .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية