الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7726 ) مسألة ; قال : ( وإذا رمى صيدا ، فأبان منه عضوا ، لم يؤكل ما أبان منه ويؤكل ما سواه ، في إحدى الروايتين ، والأخرى يأكله وما أبان منه ) وجملته أنه إذا رمى صيدا ، أو ضربه ، فبان بعضه ، لم يخل من أحوال ثلاثة ; أحدهما ، أن يقطعه قطعتين ، أو يقطع رأسه ، فهذا جميعه حلال ، سواء كانت القطعتان متساويتين أو متفاوتتين . وبهذا قال الشافعي .

                                                                                                                                            وروي ذلك عن عكرمة ، والنخعي ، وقتادة ، وقال أبو حنيفة : إن كانتا متساويتين ، أو التي مع الرأس أقل ، حلتا ، وإن كانت الأخرى أقل ، لم يحل ، وحل الرأس وما معه ، لأن { النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما أبين من حي فهو ميت } . ولنا ، أنه جزء لا تبقى فيه الحياة مع فقده ، فأبيح ، كما لو تساوت القطعتان .

                                                                                                                                            الحال الثاني ، أن يبين منه عضو ، وتبقى فيه حياة مستقرة ، فالبائن محرم بكل حال ، سواء بقي الحيوان حيا ، أو أدركه فذكاه ، أو رماه بسهم آخر فقتله ، إلا أنه إن ذكاه حل بكل حال دون ما أبان منه . وإن ضربه في غير مذبحه فقتله ، نظرت ; فإن لم يكن أثبته بالضربة الأولى حل ، دون ما أبان منه ، وإن كان أثبته ، لم يحل شيء منه ; لأن ذكاة المقدور عليه في الحلق واللبة .

                                                                                                                                            الحال الثالث ، أبان منه عضوا ، ولم تبق فيه حياة مستقرة ، فهذه التي ذكر الخرقي فيها روايتين ; أشهرهما عن أحمد ، إباحتهما . قال أحمد : إنما حديث النبي صلى الله عليه وسلم : { ما قطعت من الحي ميتة . إذا قطعت وهي حية ، تمشي وتذهب . }

                                                                                                                                            أما إذا كانت البينونة والموت جميعا ، أو بعده بقليل ، إذا كان في علاج الموت ، فلا بأس به ، ألا ترى الذي يذبح ربما مكث ساعة ، [ ص: 305 ] وربما مشى حتى يموت ، وهذا مذهب الشافعي ، وروي ذلك عن علي ، وعطاء ، والحسن . وقال قتادة ، وإبراهيم ، وعكرمة : إن وقعا معا أكلهما ، وإن مشى بعد قطع العضو أكله ، ولم يأكل العضو . والرواية الثانية ، لا يباح ما بان منه . وهذا مذهب أبي حنيفة ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ما أبين من حي فهو ميت } .

                                                                                                                                            ولأن هذه البينونة لا تمنع بقاء الحيوان في العادة ، فلم يبح أكل البائن ، كما لو أدركه الصياد وفيه حياة مستقرة . والأولى المشهورة ; لأن ما كان ذكاة لبعض الحيوان ، كان ذكاة لجميعه ، كما لو قده نصفين ، والخبر يقتضي أن يكون الباقي حيا ، حتى يكون المنفصل منه ميتا ، وكذا نقول ، قال أبو الخطاب : فإن بقي معلقا بجلده ، حل رواية واحدة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية