الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  146 13 - حدثنا زكرياء ، قال : حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : قد أذن أن تخرجن في حاجتكن . قال هشام : يعني البراز .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة هذا الحديث للترجمة ظاهرة ; لأن الباب معقود في خروجهن إلى البراز ، وفي هذا الحديث بيان أن الله تعالى قد أذن لهن بالخروج عن بيوتهن إلى البراز ، كما يجيء هذا الحديث في التفسير مطولا أن سودة خرجت بعدما ضرب الحجاب لحاجتها ، وكانت عظيمة الجسم ، فرآها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا سودة ، أما والله ما تخفين علينا ، فانظري كيف تخرجين ، فرجعت فشكت ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام وهو يتعشى ، فأوحي إليه فقال : إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن .

                                                                                                                                                                                  ( بيان رجاله ) وهم خمسة :

                                                                                                                                                                                  الأول : زكريا بن يحيى بن صالح اللؤلؤي ، أبو يحيى البلخي ، الحافظ الفقيه المصنف في السنة ، مات ببغداد ، ودفن عند قتيبة بن سعيد سنة ثلاثين ومائتين .

                                                                                                                                                                                  الثاني : أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي ، وقد مر .

                                                                                                                                                                                  الثالث : هشام بن عروة .

                                                                                                                                                                                  الرابع : أبو عروة بن الزبير بن العوام .

                                                                                                                                                                                  الخامس : عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها .

                                                                                                                                                                                  ( بيان لطائف إسناده ) :

                                                                                                                                                                                  منها أن فيه التحديث والعنعنة ، ومنها أن رواته ما بين بلخي وكوفي ومدني ، ومنها أن فيه رواية الابن عن الأب .

                                                                                                                                                                                  ( بيان تعدد موضعه ، ومن أخرجه غيره ) :

                                                                                                                                                                                  أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن زكريا بن يحيى المذكور ، وأخرجه مسلم في الاستئذان عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب كلاهما عن أبي أسامة به .

                                                                                                                                                                                  ( بيان ما فيه من الإعراب والمعنى ) .

                                                                                                                                                                                  قوله : « قد أذن " مقول القول ، وفي بعض النسخ أذن بلا لفظة قد ، وهو على صيغة المجهول ، والآذن هو الله تعالى ، وبني الفعل على صيغة المجهول للعلم بالفاعل ، قوله : « أن تخرجن " أصله بأن تخرجن ، وأن مصدرية ، والتقدير : بخروجكن ، وكلمة في متعلق به ، قوله : « قال هشام " يعني ابن عروة المذكور ، وهو إما تعليق من البخاري ، وإما من مقول أبي أسامة .

                                                                                                                                                                                  قال الكرماني : قلت : لم لا يجوز أن يكون مقول هشام أو عروة ، قوله : « تعني البراز " مقول القول ، والضمير في تعني يرجع إلى عائشة رضي الله تعالى عنها ، أراد أن عائشة تقصد من قولها تخرجن في حاجتكن البراز ، الخروج إلى البراز ، وانتصابه بقوله تعني ، وقال الداودي : قوله : « قد أذن أن تخرجن " دال على أنه لم يرد هنا حجاب البيوت ; فإن ذلك وجه آخر ، إنما أراد أن يستترن بالجلباب حتى لا يبدو منهن إلا العين ، قالت عائشة : كنا نتأذى بالكنف وكنا نخرج إلى المناصع .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية