الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : جواز تقديم اليسرى على اليمنى في الوضوء

                                                                                                                                            قال الشافعي رضي الله عنه : وإن قدم يسرى على يمنى أجزأه .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما تقديم اليمنى على اليسرى فسنة في اليدين والرجلين لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم ذلك في وضوئه ، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا توضأتم وإذا لبستم فابدأوا بميامنكم ، وبأيمانكم " ، فإن خالف السنة فيهما وقدم اليسرى على اليمنى أجزأه للأثر المروي عن علي رضي الله عنه أنه قدم اليسرى على اليمنى وقال : لا أبالي بأي أعضائي بدأت ولأن الاسم يتناولهما على سواء فكان الترتيب فيهما مستحبا لا واجبا ، فأما الترتيب في الأعضاء المسنونة في الوضوء وهي غسل الكفين " و " المضمضة ثم الاستنشاق ففيه لأصحابنا وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه مسنون وأن مخالفته في تقديم الاستنشاق على المضمضة وتقديم المضمضة على الكفين لا يمنع من حصوله وأجزائه بخلاف الأعضاء ، لأنها لما كانت واجبة كان الترتيب فيها واجبا ، ولما كانت هذه سنة كان الترتيب فيها مسنونا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن ترتيبها واجب وإن كانت مسنونة وإن نكس وخالف الترتيب لم يعتد بما لم يقدمه لأن ما استحق الترتيب في فرضه استحق الترتيب في مسنونه قياسا على أركان الصلاة وأنه لو جدد وضوءه لكان الترتيب فيه واجبا ، وإن كان التجديد فيه مسنونا .

                                                                                                                                            فحصل من هذا أن أعضاء الوضوء تنقسم ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            قسم يكون الترتيب فيه واجبا ، وهو الأعضاء الأربعة .

                                                                                                                                            وقسم يكون الترتيب فيه مسنونا وهو تقديم اليمنى على اليسرى .

                                                                                                                                            وقسم مختلف فيه وهو الأعضاء المسنونة في وجوب الترتيب فيها وجهان ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية