الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فيه قولان: أحدهما: يعني للذي علم أنه ناج ، فعبر عن العلم بالظن ، قاله ابن شجرة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه ظن ذلك من غير يقين. وفي ظنه وجهان: أحدهما: لأن عبارة الرؤيا بالظن فلذلك لم يقطع به ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه لم يتيقن صدقهما في الرؤيا فكان الظن في الجواب لشكه في صدقهما.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 40 ] اذكرني عند ربك أي عند سيدك يعني الملك الأكبر الوليد بن الريان تأميلا للخلاص إن ذكره عنده. فأنساه الشيطان ذكر ربه فيه قولان: أحدهما: أن الذي نجا منهما أنساه الشيطان ذكر يوسف عند سيده حتى رأى الملك الرؤيا . قاله محمد بن إسحاق.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن يوسف أنساه الشيطان ذكر ربه في الاستغاثة به والتعويل عليه. روى أبو سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قال: اذكرني عند ربك ما لبث في السجن ما لبث ) . فلبث في السجن بضع سنين قال ابن عباس: عوقب يوسف بطول السجن بضع سنين لما قال للذي نجا منهما اذكرني عند ربك ، ولو ذكر يوسف ربه لخلصه. وفي (البضع) أربعة أقاويل: أحدها: من ثلاث إلى سبع ، وهذا قول أبي بكر الصديق وقطرب.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: من ثلاث إلى تسع ، قاله مجاهد والأصمعي.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: من ثلاث إلى عشر ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: ما بين الثلاث إلى الخمس ، حكاه الزجاج. قال الفراء: والبضع لا يذكر إلا مع العشرة والعشرين إلى التسعين ، ولا يذكر بعد المائة. وفي المدة التي لبث فيها يوسف مسجونا ثلاثة أقاويل: أحدها: سبع سنين ، قاله ابن جريج وقتادة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه لبث اثنتي عشرة سنة ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: لبث أربعة عشرة سنة ، قاله الضحاك ، وإنما البضع مدة العقوبة لا مدة الحبس كله.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 41 ] وقال وهب: حبس يوسف سبع سنين ، ومكث أيوب في البلاء سبع سنين. قال الكلبي: حبس سبع سنين بعد الخمس السنين التي قال فيها اذكرني عند ربك

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية