الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 830 ) فصل : فإن كان مع العراة واحد له ثوب ، لزمته الصلاة فيه ، لأنه قادر على السترة . فإن أعاره وصلى عريانا ، لم تصح صلاته ; لتركه الواجب عليه . ويستحب أن يعيره بعد صلاته فيه لغيره ، ليصلي فيه ; لقول الله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } . ولا يجب عليه ذلك ، بخلاف ما لو كان معه طعام فاضل عن حاجته ، ووجد من به ضرورة ، لزم إعطاؤه إياه ; لأنها حال ضرورة ، فإذا بذله لهم صلى فيه واحد بعد واحد ، ولم تجز لهم الصلاة عراة ; لأنهم قادرون على الستر ، إلا أن يخافوا ضيق الوقت ، فيصلي فيه واحد والباقون عراة .

                                                                                                                                            وقال الشافعي : لا يصلي أحد عريانا . وينتظر الثوب وإن خرج الوقت . ولا يصح ، فإن الوقت آكد من القيام ، بدليل ما لو كانوا في سفينة في موضع ضيق ، لا يمكن جميعهم الصلاة فيه قياما صلى واحد بعد واحد ، إلا أن يخافوا فوات الوقت فيصلون قعودا ، نص الشافعي على هذا . والقيام آكد من السترة عنده . وعلى رواية لنا ، والوجه الآخر أقيس عندي ، فإن المحافظة على الشرط مع إمكانه أولى مع إدراك الوقت ، بدليل ما لو جد ما لا يمكنه استعماله إلا بعد فوات الوقت ، أو سترة يخاف فوات الوقت إن تشاغل بالمخشي إليها ، والاستتار بها . فأولى أن يكون الوقت مقدما على الستر . فإن امتنع صاحب الثوب من إعارتهم ، أو ضاق الوقت عن أكثر من صلاة .

                                                                                                                                            [ ص: 348 ] فالمستحب أن يؤمهم صاحب الثوب ، ويقف بين أيديهم ، فإن كان أميا وهم قراء ، صلى الباقون جماعة على ما أسلفنا . قال القاضي : يصلي هو منفردا ، وإذا أراد صاحب الثوب إعارة ثوبه ، ومعهم نساء ، استحب أن يبدأ بهن ; لأنهن آكد في الستر . وإذا صلين فيه أخذه . فإذا تضايق الوقت ، وفيهم قارئ ، فالمستحب أن يبدأ به ; ليكون إمامهم . وإن أعاده لغير القارئ صار حكمه كحكم صاحب الثوب . فإن استووا ، ولم يكن الثوب لواحد منهم ، أقرع بينهم ، فمن خرجت له القرعة فهو أحق . وإن لم يستووا فالأولى به من تستحب البداية بإعارته ، على ما ذكرنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية