الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن شرائطها الوقت فتصح في وقت الظهر ولا تصح بعده ) [ ص: 56 ] لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا مالت الشمس فصل بالناس الجمعة } ( ولو خرج الوقت وهو فيها استقبل الظهر ولا يبنيه عليها ) لاختلافهما .

التالي السابق


( قوله : لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا مالت الشمس } إلخ ) وروي { أنه صلى الله عليه وسلم لما بعث مصعب بن عمير إلى المدينة قال : إذا مالت الشمس فصل بالناس الجمعة } وفي البخاري عن أنس رضي الله عنه { كان صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين تميل الشمس } ، وأخرج مسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه { كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس } الحديث . وأما ما رواه الدارقطني وغيره من حديث عبد الله بن سيدان بكسر السين المهملة قال : شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه فكان خطبته قبل الزوال ، وذكر عن عمر وعثمان نحوه ، قال : فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره . لو صح لم يقدح في خصوص ما نحن فيه ، فكيف وقد اتفقوا على ضعف ابن سيدان .

واعلم أن الدعوى مركبة من صحتها وقت الظهر لا بعده ، فيرد أنه إنما يتم ما ذكر دليلا لتمامها إذا اعتبر مفهوم الشرط وهو ممنوع عندهم ، أو يكون فيه إجماع وهو منتف في جزء الدعوى ; لأن مالكا يقول ببقاء وقتها إلى الغروب ، والحنابلة قائلون بجواز أدائها قبل الزوال ، وقيل إذا كان يوم عيد . ويجاب بأن شرعية الجمعة مقام الظهر على خلاف القياس ; لأنه سقوط أربع بركعتين فتراعى الخصوصيات التي ورد الشرع بها ما لم يثبت دليل على نفي اشتراطها ، ولم يصلها خارج الوقت في عمره ولا بدون الخطبة فيه فيثبت اشتراطهما وكون الخطبة في الوقت ، حتى لو خطب قبله لا يقع الشرط وعلى اشتراط نفس الخطبة إجماع ، بخلاف ما قام الدليل على عدم اشتراطه ككونها خطبتين بينهما جلسة قدر ما يستقر كل عضو في موضعه يحمد في الأولى ويتشهد ويصلي عليه صلى الله عليه وسلم ويعظ الناس ، وفي الثانية كذلك إلا أنه يدعو مكان الوعظ للمؤمنين والمؤمنات كما قاله الشافعي ; لأنه قام الدليل عند أبي حنيفة رحمه الله على أنه من [ ص: 57 ] السنن أو الواجبات لا شرط على ما سنذكر .




الخدمات العلمية