الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3531 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو عن أبي بكر الصديق أنه قال يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب وهو حديث ليث بن سعد وأبو الخير اسمه مرثد بن عبد الله اليزني

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن أبي الخير ) اسمه مرثد بن عبد الله اليزني بفتح التحتانية والزاي بعدها نون ( عن عبد الله بن عمرو ) بن العاص السهمي قوله : ( أدعو به في صلاتي ) أي عقب التشهد كما قيده [ ص: 358 ] بعض علمائنا قاله القاري . قلت : وإلى هذا احتج البخاري في صحيحه فقال : باب الدعاء قبل السلام ثم ذكر حديث أبي بكر هذا وقال ابن دقيق العيد في الكلام على هذا الحديث : هذا يقتضي الأمر بهذا الدعاء في الصلاة من غير تعيين محله ولعل الأولى أن يكون في أحد موطنين ، السجود والتشهد ؛ لأنهما أمر فيهما بالدعاء ( ظلمت نفسي ) أي بملابسة ما يستوجب العقوبة أو ينقص الحظ وفيه أن الإنسان لا يعرى عن تقصير ولو كان صديقا ( ولا يغفر الذنوب إلا أنت ) فيه إقرار بالوحدانية واستجلاب للمغفرة وهو كقوله تعالى : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم الآية فأثنى على المستغفرين وفي ضمن ثنائه عليهم بالاستغفار لوح بالأمر به كما قيل إن كل شيء أثنى الله على فاعله فهو آمر به وكل شيء ذم فاعله فهو ناه عنه ( مغفرة من عندك ) قال الطيبي : دل التنكير على أن المطلوب غفران عظيم لا يدرك كنهه ووصفه بكونه من عنده سبحانه وتعالى مريدا لذلك ؛ لأن العظم الذي يكون من عند الله لا يحيط به وصف ( إنك أنت الغفور الرحيم ) هما صفتان ذكرتا ختما للكلام على جهة المقابلة لما تقدم ، فالغفور مقابل لقوله " اغفر لي " . والرحيم مقابل ارحمني وهي مقابلة مرتبة . قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجه .




                                                                                                          الخدمات العلمية