الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم

                                                                                                                2283 حدثنا عبد الله بن براد الأشعري وأبو كريب واللفظ لأبي كريب قالا حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجاء فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا فانطلقوا على مهلتهم وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق [ ص: 448 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 448 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإني أنا النذير العريان ) قال العلماء : أصله أن الرجل إذا أراد إنذار قومه وإعلامهم بما يوجب المخافة نزع ثوبه ، وأشار به إليهم إذا كان بعيدا منهم ليخبرهم بما دهمهم ، وأكثر ما يفعل هذا ربيئة القوم ، وهو طليعتهم ورقيبهم . قالوا : وإنما يفعل ذلك لأنه أبين للناظر ، وأغرب وأشنع منظرا ، فهو أبلغ في استحثاثهم في التأهب للعدو .

                                                                                                                وقيل : معناه أنا النذير الذي أدركني جيش العدو ، فأخذ ثيابي ، فأنا أنذركم عريانا .

                                                                                                                قوله : ( فالنجاء ) ممدود أي انجوا النجاء أو اطلبوا النجاء . قال القاضي : المعروف في النجاء إذا أفرد المد ، وحكى أبو زيد فيه القصر أيضا ، فإذا ما كرروه فقالوا : النجاء النجاء ففيه المد والقصر معا .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( فأدلجوا فانطلقوا على مهلتهم ) أما ( أدلجوا ) فبإسكان الدال ، ومعناه ساروا من أول الليل . يقال : أدلجت بإسكان الدال إدلاجا كأكرمت إكراما ، والاسم الدلجة بفتح الدال . فإن خرجت من آخر الليل قلت : ادلجت بتشديد الدال أدلج ادلاجا بالتشديد أيضا . والاسم الدلجة بضم الدال . قال ابن قتيبة وغيره : ومنهم من يجيز الوجهين في كل واحد منهما . وأما قوله : ( على مهلتهم ) هكذا هو في جميع نسخ مسلم بضم الميم وإسكان الهاء بتاء بعد اللام . وفي الجمع بين [ ص: 449 ] الصحيحين ( مهلهم ) بحذف التاء وفتح الميم والهاء ، وهما صحيحان .

                                                                                                                قوله : ( فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم ) أي استأصلهم .




                                                                                                                الخدمات العلمية