الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2285 حدثني محمد بن حاتم حدثنا ابن مهدي حدثنا سليم عن سعيد بن ميناء عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها ) وفي رواية : ( الدواب والفراش ) وفي رواية : ( أنا آخذ بحجزكم وأنتم تقحمون فيها ) وفي رواية : ( وأنتم تفلتون من يدي ) أما ( الفراش ) فقال الخليل : هو الذي يطير كالبعوض ، وقال غيره : ما تراه كصغار البق يتهافت في النار ، وأما ( الجنادب ) فجمع جندب ، وفيها ثلاث لغات : جندب بضم الدال وفتحها والجيم مضمومة فيهما ، والثالثة حكاه القاضي بكسر الجيم وفتح الدال . والجنادب هذا الصرار الذي يشبه الجراد ، وقال أبو حاتم : الجندب على خلقة الجراد ، له أربعة أجنحة كالجرادة وأصغر منها ، يطير ، ويصر بالليل صرا شديدا ، وقيل : غيره . أما ( التقحم ) فهو الإقدام والوقوع في الأمور الشاقة من غير تثبت . و ( الحجز ) جمع حجزة وهي معقد الإزار والسراويل .

                                                                                                                وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( وأنا آخذ بحجزكم ) فروي بوجهين : أحدهما اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الذال ، والثاني مثل مضارع بضم الذال بلا تنوين والأول أشهر وهما صحيحان ، وأما ( تفلتون ) فروي بوجهين : أحدهما فتح التاء والفاء واللام المشددة ، والثاني ضم التاء وإسكان الفاء وكسر اللام المخففة ، وكلاهما صحيح . يقال : أفلت مني ، وتفلت إذا نازعك الغلبة والهرب ، ثم غلب وهرب . ومقصود الحديث أنه صلى الله عليه وسلم شبه تساقط الجاهلين والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة ، وحرصهم على الوقوع في ذلك ، مع منعه إياهم ، وقبضه على مواضع المنع منهم ، بتساقط الفراش في نار الدنيا ، لهواه ، وضعف تمييزه ، وكلاهما حريص على هلاك نفسه ، ساع في ذلك لجهله .

                                                                                                                قوله : ( حدثنا سليم عن سعيد ) هو بفتح السين وكسر اللام ، وهو سليم بن حبان .




                                                                                                                الخدمات العلمية