الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تنبيه : ظاهر قوله ( ويقنت فيها ) أنه يقنت في جميع السنة ، وهو المذهب وعليه الأصحاب ، وقطع به كثير منهم ، وعنه لا يقنت إلا في نصف رمضان الأخير نقله الجماعة ، وهو وجه في مختصر ابن تميم وغيره واختاره الأثرم ، ونقل صالح : أختار القنوت في النصف الأخير من رمضان ، وإن قنت في السنة كلها فلا بأس قال في الحاوي ، والرعاية : رجع الإمام أحمد عن ترك القنوت في غير النصف الأخير من رمضان قال القاضي : عندي أن أحمد رجع عن القول بأن لا يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير ; لأنه صرح في رواية خطاب ، فقال : كنت أذهب إليه ثم رأيت السنة كلها ، وخير الشيخ تقي الدين في دعاء القنوت بين فعله وتركه ، وأنه إن صلى بهم قيام رمضان ، فإن قنت جميع الشهر ، أو نصفه الأخير ، أو لم يقنت بحال فقد أحسن .

[ ص: 171 ] قوله ( بعد الركوع ) يعني على سبيل الاستحباب فلو كبر ورفع يديه ثم قنت قبل الركوع جاز ، ولم يسن على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم ، وعنه يسن ذلك ، وقيل : لا يجوز ذلك قدمه في الرعايتين ، تنبيه : قولي ( فلو كبر ورفع يديه ثم قنت قبل الركوع جاز ، ولم يسن ، على الصحيح من المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم ، وعنه يسن ذلك ) هكذا ، قاله المجد في شرحه ، وصاحب الفروع ، وابن تميم ، وقال : نص عليه ، وقال كثير من الأصحاب : وإن قنت قبل الركوع جاز . قوله ( فيقول : اللهم إنا نستعينك إلى قوله أنت كما أثنيت على نفسك ) اعلم أن الصحيح من المذهب : أنه يدعو في القنوت بذلك كله قال الإمام أحمد : يدعو بدعاء عمر " اللهم إنا نستعينك إلخ " وبدعاء الحسن " اللهم اهدنا فيمن هديت إلخ " وقال في التلخيص : ويقول بعد قوله " إن عذابك الجد بالكفار ملحق " " ونخلع ونترك من يفجرك " وقال في النصيحة : ويدعو معه بما في القرآن ، ونقل أبو الحارث : بما شاء اختاره بعض الأصحاب قال أبو بكر في التنبيه : ليس في الدعاء شيء مؤقت ، ومهما دعا به جاز ، واقتصر بعض الأصحاب على دعاء ( اللهم اهدنا فيمن هديت ) قال في الفروع : ولعل المراد يستحب هذا وإن لم يتعين ، وقال في الفصول : اختاره أحمد ، ونقل المروذي : يستحب بالسورتين .

فوائد . الأولى : يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الدعاء نص عليه ، وهو المذهب ، وقال في التبصرة : يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله ، وزاد [ ص: 172 ] { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك } الآية قال في الفروع فيتوجه عليه قولها قبيل الأذان ، وفي نهاية أبي المعالي : يكره قال في الفصول : لا يوصل الأذان بذكر قبله ، خلاف ما عليه أكثر العوام اليوم ، وليس موطن قرآن ، ولم يحفظ عن السلف فهو محدث . انتهى . وقال ابن تميم : محل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : أول الدعاء ، ووسطه وآخره . الثانية : يفرد المنفرد الضمير ، على الصحيح من المذهب ، وعند الشيخ تقي الدين لا يفرده بل يجمعه ; لأنه يدعو لنفسه وللمسلمين .

الثالثة : يؤمن المأموم ولا يقنت على الصحيح من المذهب نص عليه ، وعنه يقنت ، قدمه في المستوعب ، وعنه يقنت في الثناء جزم به في الخلاصة ، وعنه يخير بين القنوت وعدمه ، وعنه إن لم يسمع الإمام دعا وجزم به في الكافي ، وابن تميم ، والشرح ، والرعايتين ، والحاوي الكبير ، وحيث قلنا يقنت : فإنه لا يجهر ، على الصحيح من المذهب ، وقيل : يجهر بها الإمام قال في النكت : ثم الخلاف في أصل المسألة قيل : في الأفضلية ، وقيل بل في الكراهة .

الرابعة : يجهر المنفرد بالقنوت كالإمام ، على الصحيح من المذهب ، وظاهر كلام جماعة من الأصحاب : لا يجهر إلا الإمام فقط ، وقال القاضي في الخلاف ، قال في الفروع : وهو أظهر . الخامسة : يرفع يديه في القنوت إلى صدره ويبسطهما ، وتكون بطونهما نحو السماء نص عليه . قوله ( وهل يمسح وجهه بيديه ؟ على روايتين ) ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والهادي ، والتلخيص ، وابن تميم ، والنظم ، والمذهب الأحمد ، [ ص: 173 ] إحداهما : يمسح ، وهو المذهب فعله الإمام أحمد قال المجد في شرحه ، وصاحب مجمع البحرين : هذا أقوى الروايتين قال في الكافي : هذا أولى وجزم به في الوجيز ، والإفادات ، والمنور ، والمنتخب وصححه المصنف ، والشارح ، وصاحب التصحيح ، وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفروع ، والكافي ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، والفائق ، وإدراك الغاية وغيرهم ، والرواية الثانية : لا يمسح قال القاضي : نقلها الجماعة واختارها الآجري ، فعليها روي عنه : لا بأس ، وعنه يكره المسح صححها في الوسيلة ، وأطلقهما في الفروع ، وقال الشيخ عبد القادر في الغنية : يمسح بهما وجهه في إحدى الروايتين ، والأخرى يضعهما على صدره قال في الفروع : كذا قال .

التالي السابق


الخدمات العلمية